الواو، والضمير. هذا؛ واقتران الجملة الخبرية بالسين، لا يضر، وهو من قبيل الوعد، ووعد الله حق، لا يخلف فكان بمنزلة الواقع حالا، وإن اعتبرتها معطوفة على الجملة الفعلية قبلها، فمحلها مثلها، والحالية أقوى.
{فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤)}
الشرح: {فِي بِضْعِ سِنِينَ:} البضع مأخوذ من: بضعت الشيء؛ أي: قطعته، فهو قطعة من العدد، وهو في العدد بكسر الباء، وبعض العرب يفتحها، وهو ما بين الثلاث إلى التسع، تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلا، وبضع عشرة امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر، ذهب البضع، لا تقول: بضع وعشرون، وقد يقال. والبضع: الطائفة من الليل، والبضع بضم الباء:
الجماع، أو الفرج نفسه، والمهر، والطلاق، وعقد النكاح. وقد أبهم البضع ولم يبينه، وإن كان معلوما لنبيه صلّى الله عليه وسلّم، لإدخال الرعب والخوف عليهم في كل وقت. انتهى. جمل نقلا من الرازي.
{سِنِينَ:} جمع سنة، والأصل فيها ألا تجمع بالياء والنون؛ لأن الواو والنون لمن يعقل، ولكن جاز ذلك فيها، وإن كانت ممن لا يعقل للحذف الذي دخلها؛ لأن أصلها سنوة.
وقيل: سنهة على فعلة، دليله قولهم: في جمع الأول سنوات جمع مؤنث سالم، وقولهم:
سانهت، وتجمع على سنهات، كسرت السين في {سِنِينَ} لتدل على أنه جمع على غير الأصل؛ لأن كل ما جمع جمع السلامة، لا يتغير فيه بناء الواحد، فلما تغير بناء الواحد في هذا الجمع بكسر أوله، وقد كان مفتوحا في الواحد؛ علم أنه جمع على غير أصله، لذا فإنه يلحق بجمع المذكر السالم إلحاقا، والنسبة إلى سنة: سنهي، أو سنوي.
{لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ:} أخبر الله تعالى بانفراده بالقدرة، وأن ما في العالم من غلبة وغيرها إنما هي منه، وبإرادته، وقدرته، فقال: {لِلّهِ الْأَمْرُ} أي: إنفاذ الأحكام. و {مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} أي: من قبل كل شيء، ومن بعد كل شيء، أو حين غلبوا، وحين يغلبون، والمعنى:
أن كونهم مغلوبين أولا، وغالبين آخرا ليس إلا بأمر الله، وقضائه، قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ}. هذا؛ و {قَبْلُ} و {بَعْدُ} ظرفان بنيا على الضم؛ لأنهما تعرّفا بحذف ما أضيفا إليهما، وصارا متضمنين ما حذف، فخالفا تعريف الأسماء، وأشبها الحروف في التضمين، فبنيا، وخصّا بالضم لشبههما بالمنادى المفرد في أنه إذا نكر وأضيف؛ زال بناؤه، وكذلك هما، فضما. هذا؛ وقرئ شاذا بالجر بالتنوين، وعدمه.
(يومئذ): التنوين فيه ينوب عن جملة محذوفة، دلت عليها الغاية، أي: يوم ينتصر الروم على الفرس، و (إذ) مضافة لهذه الجملة في الأصل، فإن أصل الكلام: يوم إذ ينتصر الروم على الفرس، ويتحقق وعد الله بنصرهم، فحذفت الجملة الفعلية، وعوض عنها التنوين، وكسرت