للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صريح. والأقوى تعليقهما بمحذوف صفة لموصوف محذوف، التقدير: وبث فيها حيوانات من كل دابة. و {كُلِّ:} مضاف، و {دابَّةٍ:} مضاف إليه. {وَأَنْزَلْنا:} الواو: حرف عطف. (أنزلنا):

فعل، وفاعل. {مِنَ السَّماءِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من ماء، كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة: «نعت النكرة إذا تقدم عليها صار حالا»، وجملة: {وَأَنْزَلْنا..}. إلخ معطوفة على جملة: {خَلَقَ..}. إلخ، أو هي مستأنفة، ولا محل لها على الاعتبارين، وانظر مثل هذا الالتفات في الآيات التي ذكرتها لك في الشرح.

(أنبتنا): فعل، وفاعل. {فِيها مِنْ كُلِّ:} كلاهما متعلقان بالفعل قبلهما ويجوز أن يكون: {مِنْ كُلِّ} متعلقين بمحذوف صفة لموصوف محذوف، التقدير: نباتا من كل، و {كُلِّ} مضاف، و {زَوْجٍ} مضاف إليه. {كَرِيمٍ:} صفة: {زَوْجٍ،} والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، على الوجهين المعتبرين فيها.

{هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١١)}

الشرح: {هذا} أي: ما ذكر من السموات والأرض، وما تعلق بهما من الأمور المعدودة.

{خَلْقُ اللهِ} أي: مخلوق الله. {فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} أي: فأروني الذي خلقته آلهتكم؛ حتى استحقوا العبادة منكم، وحتى أشركتموهم مع الله في التقديس والتعظيم. {بَلِ الظّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ:} إضراب عن تبكيتهم، وتقريعهم إلى التسجيل عليهم بالضلال الذي لا يخفى على ناظر، ووضع الظاهر موضع المضمر؛ للدلالة على أنهم ظالمون بإشراكهم مع الله ما لا يضر، ولا ينفع.

هذا؛ والضلال مصدر: ضل بمعنى: كفر وأشرك بالله، وخرج عن جادة الحق، والصواب، وهو ضد: اهتدى، واستقام، ويأتي ضلّ بمعنى: غاب، كما في قوله تعالى: {وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ} وضل الشيء: ضاع وهلك، وضل: أخطأ في رأيه، ولولا هذا المعنى؛ لكفر أولاد يعقوب بقولهم في حضرته: {تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ} وقولهم في غيبته: {إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} وضل: تحير، وهو أقرب ما يفسر به قوله تعالى لحبيبه محمد صلّى الله عليه وسلّم: {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى}. هذا؛ وأضل، يضل غيره من الرباعي، ومصدره الإضلال فهو متعد، والثلاثي لازم، وانظر رقم [١٠] من سورة (السجدة).

الإعراب: {هذا:} الهاء: حرف تنبيه. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {خَلْقُ:} خبر المبتدأ، وهو مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {فَأَرُونِي:} الفاء: حرف عطف على رأي من يجيز عطف الإنشاء على الخبر، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، وأراها الفصيحة؛ لأنها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: وإذا كان هذا خلق الله؛ فأروني... إلخ. (أروني): فعل أمر مبني على

<<  <  ج: ص:  >  >>