للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قليل: {لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} لأن دخولهم جهنم وإغواءهم ليس في وقت واحد، فدل ذلك على: أن {أَجْمَعِينَ} لا تعرض فيه لاتحاد الوقت. انتهى. جمل.

{إِلاّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ:} تعاظم، وأنف من السجود لآدم جهلا منه بأن السجود له طاعة لله، والأنفة من طاعة الله استكبارا كفر. {وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ} أي: صار من الكافرين باستكباره عن أمر الله تعالى، واستنكافه عن طاعته، أو كان منهم في علم الله تعالى بأنه سيكفر فيما لا يزال، وكان مسلما عابدا من أهل الجنة، وطاف بالبيت أربعة عشر ألف عام، وعبد الله ثمانين ألف عام. انتهى. جمل. وانظر ما ذكرته بشأن إبليس في الآية رقم [٢٠] من سورة (سبأ).

هذا؛ والسجود في الأصل: تذلل مع تطامن. وفي الشرع: وضع الجبهة على الأرض على قصد العبادة، والمأمور به إما المعنى الشرعي؛ فالمسجود له في الحقيقة هو الله تعالى، وجعل آدم قبلة سجودهم، تعظيما لشأنه، أو سببا لوجوبه، كما جعلت الكعبة قبلة للصلاة، والصلاة لله، فمعنى اسجدوا له؛ أي: إليه. وإما المعنى اللغوي؛ فهو التواضع لآدم تحية، وتعظيما له، كسجود إخوة يوسف له في قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} فلم يكن فيه وضع الجبهة على الأرض، وإنما كان بالانحناء، فلما جاء الإسلام؛ أبطل ذلك بالسلام، ولقد كان الأمر الإلهي بالسجود لآدم احتفالا بتمام تكوينه، وفي هذا إظهار لعلو شأنه، كما أن فيه تكريما لهذا النوع البشري حيث أسجد الملائكة لأبيهم آدم، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

الإعراب: (سجد): فعل ماض. {الْمَلائِكَةُ:} فاعله. {كُلُّهُمْ:} توكيد أول، والهاء في محل جر بالإضافة. {أَجْمَعُونَ:} توكيد ثان مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة، التقدير: فخلقه الله، فسواه، فنفخ فيه الروح، فسجد له الملائكة... إلخ. {إِلاّ:} أداة استثناء. {إِبْلِيسَ:} مستثنى، وهل هو متصل، أو منقطع.

خلاف. {اِسْتَكْبَرَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {إِبْلِيسَ،} ومتعلقه محذوف، والجملة الفعلية في محل نصب حال من: {إِبْلِيسَ،} والرابط رجوع الفاعل إليه. {وَكانَ:} الواو: حرف عطف. (كان): فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى: {إِبْلِيسَ}. {مِنَ الْكافِرِينَ:} متعلقان بمحذوف خبر (كان)، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل نصب حال مثلها.

{قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥)}

الشرح: {قالَ:} القائل هو الله تعالى. {يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} أي: أي شيء منعك من السجود في الوقت الذي أمرتك به. {لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} أي: خلقته بنفسي من غير توسط كأب، وأم. قال القرطبي: أضاف خلقه إلى نفسه تكريما له، وإن كان خالق كل شيء، وهذا كما أضاف إلى نفسه الروح، والبيت، والناقة، والمساجد، فخاطب الناس بما يعرفونه في تعاملهم، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>