للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النحاس: وهذا إنّما يجيء في الشّعر، وأحسن ما قيل في هذا قول مجاهد: فرقا بين الحق والباطل، أي الذي علّمه إيّاه. وقيل: المراد بالفرقان: المعجزات التي أجراها الله تعالى على يد موسى مثل: العصا، واليد، وغير ذلك. وفي الكشاف يعني: الجامع بين كونه كتابا منزلا، وفرقانا بين الحقّ، والباطل. كقولك: رأيت الغيث، واللّيث. تريد الرّجل الجامع بين الجود، والجرأة، ونحوه قوله تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٤٨]: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} يعني: الكتاب الجامع بين كونه فرقانا، وضياء، وذكرا.

{تَهْتَدُونَ:} أي إلى طريق الحق، والخير، والتّقوى.

هذا والترجي في هذه الآية، وغيرها إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأن الله تعالى لا يحصل منه ترج، ورجاء لعباده، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، ولقد أحسن ابن المنير في الردّ على الزمخشري القائل: إرادة أن تشكروا النّعمة في العفو عنكم، فقال: التفسير الصحيح في: (لعلّ) هو الذي حرّره سيبويه-رحمه الله تعالى-في قوله: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} من سورة عبس.

قال: الرجاء منصرف إلى المخاطب، كأنه قال: كونا على رجائكما في تذكّره، وخشيته، وكذلك هذه الآية معناها: لتكونوا على رجاء الشّكر لله-عزّ وجل-ونعمه، فينصرف الرّجاء إليهم، وينزّه الله تعالى.

الإعراب: {وَإِذْ:} الواو: حرف عطف. ({إِذْ}): معطوفة على مثلها في الآيات السابقة.

{آتَيْنا:} فعل وفاعل. {مُوسَى:} مفعول به أول. {الْكِتابَ:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة ({إِذْ}) إليها. (الفرقان): معطوف على ما قبله، أو هو صفة له، أو هو بدل منه، انظر الشرح. {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} مثل إعراب: {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} مفردات، ومحلاّ.

{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)}

الشرح: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ:} قوم: اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: رهط، ومعشر، فإن المفرد لهذه الأسماء إنّما هو رجل، وجمعها: أقوام، وأراهط، ومعاشر. هذا و «قوم» يطلق على الرجال دون النساء بدليل قوله تعالى في سورة (الحجرات) رقم [١١]: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ}.

وقال زهير بن أبي سلمى: [الوافر]

وما أدري وسوف إخال أدري... أقوم آل حصن أم نساء؟

<<  <  ج: ص:  >  >>