للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل جزم فعل الشرط، والواو فاعله، والكاف مفعوله، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنّها ابتدائية، ويقال: لأنّها جملة شرط غير ظرفي. {فَاحْكُمْ:} الفاء: واقعة في جواب الشرط.

(احكم): فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: أنت. {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محلّ لها... إلخ، وجملة: {أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} معطوفة عليها، و (إن) ومدخولها كلام مفرّع عما قبله أو مستأنف لا محلّ له. {وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ:}

إعراب هذا الكلام مثل سابقه، وهو معطوف عليه. {شَيْئاً:} مفعول مطلق، أو نائبه؛ لأنّه نائب عن مصدر. {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ:} إعراب هذا الكلام واضح إن شاء الله، وهو معطوف على ما قبله. {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ:} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [١٤]. والجملة الاسمية تعليل لما قبلها.

{وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣)}

الشرح: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ..}. إلخ: هذا تعجيب من الله تعالى لنبيه صلّى الله عليه وسلّم في تحكيم اليهود إيّاه مع علمهم بما في التّوراة، وتركهم قبول ذلك الحكم مع اعتقادهم صحّته، وعدولهم إلى حكم من يجحدون نبوّته طلبا للرّخصة، وتخفيفا للحكم. لا جرم: أنّ الله تعالى أظهر جهلهم، وعنادهم؛ لأنّهم حكّموا النبي صلّى الله عليه وسلّم في أمر الزّانيين، ثمّ أعرضوا عنه، وعن حكمه. وفي الآية توبيخ، وتقريع لليهود؛ إذ المعنى: وكيف يجعلونك حكما بينهم، ويرضوان بحكمك، وعندهم التّوراة. {فِيها حُكْمُ اللهِ} يعني: الرجم الّذي تحاكموا من أجله.

{ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ:} أي: بالمؤمنين، والمصدّقين بكتابهم، كما يزعمون لإعراضهم عنه، وعدم العمل به. وهذا إلزام لهم؛ لأنّ من خالف كتاب الله، وبدّله؛ فدعوى الإيمان باطلة. هذا؛ والإشارة بالبعيد للإيذان ببعد درجتهم في العتوّ، والمكابرة.

هذا؛ و «ثمّ» حرف عطف يقتضي ثلاثة أمور: التّشريك في الحكم، والترتيب، والمهلة، وفي كلّ منها خلاف مذكور في مغني اللّبيب، وقد تلحقها تاء التأنيث السّاكنة، كما تلحق «ربّ» و «لا» العاملة عمل «ليس» فيقال: ثمّت، وربّت، ولات، والأكثر تحريك التاء معهنّ بالفتح.

هذا؛ و «ثمّ» هذه غير «ثمّ» بفتح الثّاء فإنّها اسم يشار به إلى المكان البعيد، كما في قوله تعالى في سورة (الشّعراء) رقم [٦٤]: {وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ} وقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [١١٥]:

{فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}. وهذه ظرف لا يتصرّف، ولا يتقدّمه حرف التنبيه، ولا يتّصل به كاف

<<  <  ج: ص:  >  >>