للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: ويجب كلمة العذاب على الكافرين المصرين على الكفر. و {الْقَوْلُ} هو قوله تعالى في سورة (السجدة) رقم [١٣]: {وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنّاسِ أَجْمَعِينَ}.

هذا؛ وقد جعل الله الكافرين في مقابلة من كان حيا إشعارا بأنهم لكفرهم، وسقوط حجتهم، وعدم تأملهم أموات في الحقيقة.

الإعراب: {لِيُنْذِرَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى القرآن، أو إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، حسب ما رأيت في الشرح، و «أن» المضمرة والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، التقدير: أنزل عليه الذكر للإنذار. {مَنْ:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {كانَ:} فعل ماض ناقص. واسمه يعود إلى {مَنْ} وهو العائد، أو الرابط.

{حَيًّا:} خبر: {كانَ،} والجملة الفعلية صلة {مَنْ} أو صفتها. {وَيَحِقَّ:} الواو: حرف عطف. (يحق): فعل مضارع معطوف على (ينذر) منصوب مثله. {الْقَوْلُ:} فاعله. {عَلَى الْكافِرِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما.

{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَرَوْا} أي: ويتفكروا، ويعتبروا، والمراد: أهل مكة، وغيرهم. {أَنّا خَلَقْنا لَهُمْ} أي: لأجلهم، وانتفاعهم. {مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا} أي: مما تولينا خلقه وإحداثه، ولم يقدر على إحداثه غيرنا. وذكر الأيدي، وإسناد العمل إليها استعارة تمثيلية، تفيد مبالغة في الاختصاص، والتفرد بالإحداث. ويجوز أن يكون من المجاز المتفرع على الكناية بأن يكنى عن الإيجاد بعمل الأيدي، فيمن له ذلك، ثم بعد الشيوع يستعمل لغيره. ويجوز أن يكون المعنى: علمناه بقوتنا، وقدرتنا. فعبر عن ذلك بالأيدي. انظر ما ذكرته في سورة (ص) رقم [١٧]، والأنعام واحده النعم، وهو يطلق في الأصل على المأكول من الحيوانات. وقيل: يطلق على الإبل خاصة، فيكون الجمع هنا من باب التغليب، غلب المأكول على غيره، أو غلب الإبل على غيرها من المأكول وغيره، والأنعام تؤنث كما في هذه الآية، فإن الأنعام جمع كما رأيت؛ ولذلك عده سيبويه-رحمه الله تعالى-في المفردات المبنية على أفعال، كأخلاق، وذكّر في قوله تعالى في الآية رقم [٦٦] من سورة (النحل): {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمّا فِي بُطُونِهِ..}. إلخ.

هذا؛ وخص الأنعام بالذكر من بين المخلوقات؛ لأنها أكثر أموال العرب، والنفع بها أعم.

{فَهُمْ لَها مالِكُونَ} أي: فهم فيها متصرفون تصرف الملاك بالانتفاع فيها لا يزاحمون، أو فهم لها ضابطون قاهرون. قال الربيع بن منيع الذي عمر طويلا: [المنسرح] أصبحت لا أملك السلاح ولا... أملك رأس البعير إن نفرا

<<  <  ج: ص:  >  >>