للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفعل، و (نا): اسمها. {نَعْلَمُ:} فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {ما:} تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: نعلم الذي، أو: شيئا يسرّونه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر في محل نصب مفعول به، التقدير: نعلم سرهم. والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية تعليل للنهي، أو هي مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين، ولا يتوهم متوهم: أن الجملة من مقول المشركين، فيحصل في الكلام تناقض، ولذا فالوقف على: (قولهم) واجب، ومثل هذه الآية آية سورة (يونس)، رقم [٦٥]. وقد قرئ هناك بفتح همزة (أنّ) وعليه فتؤول مع اسمها، وخبرها بمصدر في محل جر بحرف جر تعليل محذوف، وعليه: فلا يجب الوقف على:

(قولهم). {وَما يُعْلِنُونَ:} معطوف على ما قبله، وهو مثله في إعرابه بلا فارق.

{أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧)}

الشرح: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ} أي: أو لم ينظر الإنسان نظر تبصر، واعتبار. {أَنّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ} أي: من نطفة قذرة خسيسة مذرة خارجة من الإحليل؛ الذي هو قناة النجاسة. والمراد بالإنسان: الكافر الذي ينكر قدرة الله على بعثه، وحشره للحساب، والجزاء، وهو أبيّ بن خلف الجمحي، كما ستعرفه. {فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ:} شديد الخصومة، فهو على مهانة أصله، ودناءة أوله يتصدى لمخاصمة ربه، وينكر قدرته على إحياء الميت بعد ما رمت عظامه، ومثل هذه الآية قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} الآية رقم [٢٠] من سورة المرسلات. وقال تعالى في سورة (الدهر) رقم [٢]: {إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ} أي: من نطفة من أخلاط متفرقة، فالذي خلقه من هذه النطفة الضعيفة؛ أليس بقادر على إعادته بعد موته؟! بلى! وأنا على ذلك من الشاهدين.

روى الإمام أحمد في مسنده عن بشر بن جحاش-رضي الله عنه-قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بصق يوما في كفه، فوضع عليها إصبعه، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال الله تعالى: ابن آدم أنّى تعجزني، وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سوّيتك، وعدّلتك مشيت بين برديك، وللأرض منك وئيد، فجمعت، ومنعت، حتى إذا بلغت التراقي قلت: أتصدق، وأنّى أوان الصدقة؟!».

أخرجه الإمام أحمد. ورواه ابن ماجة في سننه.

الإعراب: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنّا خَلَقْناهُ:} انظر الآية رقم [٧١]، فالإعراب مثله بلا فارق.

{مِنْ نُطْفَةٍ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ:} انظر الآية رقم [٢٩] فالإعراب واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>