للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجّا، أم لم يحجّ؟ وهذا غير مراد، كما رأيت في الشرح. {اِسْتَطاعَ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى: {مَنْ} والجملة الفعلية صلتها. {إِلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان به. وأجيز اعتبارهما متعلقين بمحذوف حال من: {سَبِيلاً} كان صفة له... إلخ. {سَبِيلاً:} مفعول به. انتهى.

وقال الكسائي: {مَنْ:} شرط في موضع رفع بالابتداء، و {اِسْتَطاعَ} فعل شرطه، والجواب محذوف، التقدير: فعليه الحج. وهو تكلّف لا داعي له. والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {وَمَنْ كَفَرَ..}. إلخ: إعرابها مثل إعراب سابقتها بلا فارق، والجملة الاسمية: {فَإِنَّ اللهَ..}. إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، وعلى اعتبار: {مَنْ} موصولة فالجملة الاسمية: {فَإِنَّ اللهَ..}. إلخ في محل رفع خبر الموصول، ودخلت الفاء في الخبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، هذا؛ وعلى اعتبار {مَنْ} شرطية أجيز اعتبار الجواب محذوفا قياسا على قوله تعالى في سورة (لقمان) رقم [٢٣]: {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ} وعليه؛ فالجملة: {فَإِنَّ اللهَ..}. إلخ مفيدة للتعليل، لا محلّ لها بخلافها في سورة (لقمان) فإنّها في محل جزم جواب الشرط.

{قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (٩٨)}

الشرح: الخطاب لسيد الخلق، وحبيب الحق صلّى الله عليه وسلّم، وفي هذه الآية من التعنيف، والتوبيخ للكفرة من اليهود، وغيرهم ما لا يخفى، وذلك لعنادهم للحقّ، وكفرهم بآيات الله، وصدّهم الناس عن دين الله؛ مع علمهم بأنّ ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم حقّ من الله، وقد توعّدهم الله على ذلك، وأخبر بأنّه مطلع على صنيعهم بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء، ومعاملتهم الرّسول المبشّر به بالتكذيب، والجحود، والعناد.

والمراد ب‍ (آيات الله) السّمعية، والعقلية الدّالة على صدق محمد صلّى الله عليه وسلّم فيما يدّعيه من وجوب الحج، وغيره. وتخصيص أهل الكتاب بالنّداء، دليل على أنّ كفرهم أقبح؛ لأن معرفتهم بالآيات أقوى، وأنّهم وإن زعموا: أنّهم مؤمنون بالتوراة، والإنجيل؛ فهم كافرون بهما لعدم عملهم بتعاليمهما.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره: أنت. ({يا}): أداة نداء تنوب مناب:

أدعو. ({أَهْلَ}): منادى، وهو مضاف، و {الْكِتابِ:} مضاف إليه {لِمَ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، و ({ما}): اسم استفهام مبني على السكون على الألف المحذوفة للفرق بين الخبر، والاستخبار في محل جرّ باللام. {تَكْفُرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله. {بِآياتِ:}

متعلقان به، و (آيات): مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، والجملتان: الندائية، والفعلية كلتاهما في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محلّ لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>