للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنبيه: نزلت الآية الكريمة كردّ لما طلبوه من نزول العذاب بهم، وبيان لتأخير العذاب وسببه، وقيل: هذا كلام مستأنف أخبر الله به عن نفسه تعالى وتقدس، وعن سنته في إهلاك الكافرين المعاندين لرسلهم.

الإعراب: {وَما}: الواو: حرف عطف، أو استئناف. (ما): نافية. {كانَ}: ماض ناقص. {اللهُ}: اسمها. {لِيُعَذِّبَهُمْ}: مضارع منصوب ب‍ «أن» مضمرة بعد لام الجحود، والفاعل يعود إلى {اللهُ،} والهاء مفعول به، والميم في الكل: حرف دال على جماعة الذكور، و «أن» المضمرة والفعل المضارع، في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر {كانَ،} التقدير: وما كان الله مريدا تعذيبهم، وجملة: {وَما كانَ..}. إلخ لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الواو، والاستئناف أقوى. {وَأَنْتَ}:

ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {فِيهِمْ}: متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المنصوب، والرابط: الواو، والضمير، وجملة: {وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ} معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَهُمْ}: مبتدأ. {يَسْتَغْفِرُونَ}: فعل وفاعل، والمفعول محذوف، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الضمير المجرور محلا بالإضافة، والرابط: الواو، والضمير.

{وَما لَهُمْ أَلاّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤)}

الشرح: {وَما لَهُمْ أَلاّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ} أي: وما يمنعهم من العذاب، فلا ريب أنهم مستحقون العذاب لما ارتكبوا من القبائح والأسباب، ولكن لكل أجل كتاب فعذبهم الله بعد خروج النبي صلّى الله عليه وسلّم من بين أظهرهم بالقتل والأسر يوم بدر، وما تلاه من هزائم وقعت بهم، وهم يصدون عن المسجد الحرام: أي: وهم يمنعون المؤمنين من الطواف بالبيت، وذلك حين صدوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه عن البيت الحرام عام الحديبية، وكان قد قصده لأداء العمرة. {وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ} أي: ما كانوا مستحقين ولاية أمر المسجد الحرام مع شركهم، وهو ردّ لما كانوا يقولون: نحن ولاة البيت والحرم، فنصد من نشاء، وندخل من نشاء. {إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ} أي: لا يستحق ولاية البيت الحرام، ورعاية شئونه إلا المتقون. {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}: أن لا ولاية لهم عليه، كأنه سبحانه نبه بالأكثر على أن منهم من يعلم ذلك، ولكنه يعتند معاندة، هذا؛ وقيل: المراد بالأكثر الجميع، أو المراد: لا يعلمون حكمة الله في أحكامه وتصريفه الأمور على حسب مشيئته وتقديره، وذكر الأكثر؛ لأن البعض لا يعرف الحق لنقصان عقله، أو التقصير في النظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>