وَبَيْنَكُمْ: ظرف مكان متعلق ب {شَهِيداً،} و (نا) والكاف: كلاهما في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية {فَكَفى..}. إلخ، معطوفة على جملة:{ما كُنْتُمْ..}. إلخ فهي في محل نصب مقول القول مثلها. {إِنْ}: حرف مخفف من الثقيلة مهملة لا عمل لها. {كُنّا}: ماض ناقص مبني على السكون. و (نا): اسمه. {عَنْ عِبادَتِكُمْ}: متعلقان ب (غافلين) بعدهما، والكاف: في محل جر بالإضافة. {لَغافِلِينَ}: اللام: هي الفارقة بين «إنّ» المهملة والعاملة، وهي لازمة في حال الإهمال. (غافلين): خبر كان منصوب، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه جمع مذكر سالم، والجملة الفعلية:{إِنْ كُنّا..}. إلخ، في محل نصب مقول القول مثل سابقتها.
{هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)}
الشرح:{هُنالِكَ} أي: في ذلك المقام، أو في ذلك الموقف، أو في ذلك الوقت. {تَبْلُوا}:
تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه وضره، وقرئ: «(تتلو)» أي: تقرأ كل نفس كتابها الذي كتب عليها، وقرئ «(نبلو)» أي: نختبر كل نفس، أي: نفعل بها فعل المختبر لحالها، المتعرف لسعادتها وشقاوتها بتعرف ما أسلفت من أعمالها، ويجوز أن يراد به: نصيب بالبلاء، أي: بالعذاب كل نفس عاصية بسبب ما أسلفت من الشر. {وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ}: هذا الرد يكون يوم القيامة، وهو بمعنى الرجوع، ورجوعهم إلى الله ليحاسبهم على صنيع أعمالهم، ومعنى {مَوْلاهُمُ الْحَقِّ}: متولي أمورهم على الحقيقة، لا الذي اتخذوه وليّا باطلا من الأصنام وغيرها، {وَضَلَّ عَنْهُمْ}: غاب وذهب عنهم ما كانوا يكذبون في الدنيا من أن الأصنام التي يعبدونها تشفع لهم.
تنبيه: لا تناقض بين قوله تعالى هنا: {مَوْلاهُمُ} وبين قوله في سورة (محمد): {وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ؛} لأن ما هنا بمعنى المالك والقاهر، وهو مولاهم في الرزق، وإدرار النعم، وما هناك بمعنى: ليس بمولاهم في المعونة والنصرة، وغير ذلك، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
الإعراب:{هُنالِكَ}: اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بالفعل بعده، واللام للبعد، والكاف: حرف خطاب لا محل له. {تَبْلُوا}: مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الواو للثقل. {كُلُّ}: فاعله على قراءته (تبلو) و (تتلو) وأما على قراءته بالنون، ف {كُلُّ} مفعول به، والفاعل مستتر تقديره:«نحن»، و {كُلُّ}:
مضاف، و {نَفْسٍ}: مضاف إليه. {ما}: اسم موصول أو نكره موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، وهذا على رفع {كُلُّ،} وفي محل نصب بدلا من {كُلُّ} على نصبها، وقيل: هي منصوبة على نزع الخافض، أي: بسبب ما أسلفت، انظر الشرح، والجملة بعدها صلتها أو صفتها، والعائد أو الرابط: محذوف، التقدير: الذي أو شيئا أسلفته. {وَرُدُّوا}: