للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {وَإِلهُكُمْ:} الواو: حرف استئناف. ({إِلهُكُمْ}): مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة. {إِلهٌ:} خبره. {واحِدٌ:} صفة: {إِلهٌ} وهو الخبر في الحقيقة؛ لأنه محط الفائدة، ألا ترى أنه لو اقتصر على ما قبله؛ لم يفد، وهذا يشبه الحال الموطئة، كما في قوله تعالى:

{إِنّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا}. والجملة الاسمية هذه مستأنفة لا محل لها من الإعراب. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل «إن». {إِلهٌ:} اسمها مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف، تقديره: موجود. {إِلاّ:} حرف حصر لا محل له. {هُوَ:} فيه ثلاثة أوجه: الأول: كونه بدلا من اسم ({لا}) على المحل؛ إذ محله الرفع على الابتداء، والثاني: كونه بدلا من {لا} وما عملت فيه؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء، والثالث: كونه بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو الأقوى.

{الرَّحْمنُ:} يجوز فيه أربعة أوجه: أحدها: أن يكون بدلا من {هُوَ} بدلا ظاهر من مضمرة الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الرحمن، وحسّن حذفه توالي اللفظ مرتين، الثالث: أن يكون خبرا ثالثا: لقوله: ({إِلهُكُمْ}) أخبر عنه بقوله: {إِلهٌ واحِدٌ،} وبقوله: {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ،} وبقوله: {الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ} وذلك عند من يرى تعدد الخبر مختلفا بالإفراد والجملة، والرابع: أن يكون صفة للضمير، وذلك عند الكسائي، فإنه يجيز وصف الضمير الغائب بصفة مدح، فهو يشترط هذين الشرطين: أن يكون غائبا، وأن تكون الصفة صفة مدح. {الرَّحِيمُ:}

يجري فيه ما جرى في سابقه، وإن اعتبرته بدلا من الرحمن؛ فلست مفندا، بل هو الأقوى؛ لأنهما اسمان كريمان من أسماء الله الحسنى على المعتمد، والله أعلم، وأجلّ، وأكرم.

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاِخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)}

الشرح: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} أي: وما فيهما. ذكر الله في هذه الآية من آثار قدرته، ودلائل عظمته ثمانية أنواع، وقدم السّماوات والأرض في الذكر هنا، وخصّهما بالذكر في كثير من الآيات؛ لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد، وجمع السموات دون الأرض، وهي مثلهن سبعا بدليل قوله تعالى في سورة (الطلاق) رقم [١٢]: {اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} لأن طبقاتها مختلفة بالذات، متفاوتة بالصّفات، والآثار، والحركات، وقدّمها لشرفها، وعلو مكانها، وتقدّم وجودها، ولأنها متعبّد الملائكة، ولم يقع فيها معصية كما في

<<  <  ج: ص:  >  >>