للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الفعلية:

{كُنّا مُنْذِرِينَ} في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية: {إِنّا كُنّا..}. إلخ قد رأيت الأقوال السابقة فيها. وقيل: مستأنفة، وتفسيرية.

{فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)}

الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يحكم الله أمر الدنيا إلى قابل في ليلة القدر، ما كان من حياة، أو موت، أو رزق. وروى حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ربيعة بن كلثوم، قال: سأل رجل الحسن، وأنا عنده، فقال: يا أبا سعيد! أرأيت ليلة القدر، أفي كل رمضان هي؟ قال: إي والذي لا إله إلاّ هو، إنها في كل رمضان، إنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله كل خلق، وأجل، ورزق وعمل إلى مثلها. وقال ابن عباس أيضا: يكتب من أمّ الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت، وحياة، ورزق، ومطر؛ حتى الحج، يقال: يحج فلان ويحج فلان. وقال في هذه الآية: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق؛ وقد وقع اسمه في الموتى. وهذه الإبانة لأحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق، ولم يزد ذلك في علم الله عزّ وجل. انتهى. قرطبي بتصرف كبير. ومنهم من قال: إنها ليلة النصف من شعبان، وقد بينات ضعفه في الآية السابقة.

وقيل: يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة النصف من شعبان، ويقع الفراغ في ليلة القدر، فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبريل، وكذلك الزلازل، والصواعق، والخسف. ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا، وهو ملك عظيم. ونسخة المصائب إلى ملك الموت. وعن بعضهم يعطى كل عامل بركات أعماله، فيلقى على ألسنة الخلق مدحه، وعلى قلوبهم هيبته. انتهى. قرطبي وزمخشري.

الإعراب: {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل بعدهما. {يُفْرَقُ:} مضارع مبني للمجهول.

{كُلُّ:} نائب فاعل، وهو مضاف، و {أَمْرٍ} مضاف إليه. {حَكِيمٍ:} صفة: {أَمْرٍ}. والجملة الفعلية يجوز أن تكون مستأنفة، وأن تكون صفة ل‍: {لَيْلَةٍ} وما بينهما اعتراض. وقال الزمخشري:

فإن قلت: ما موقع هاتين الجملتين: {إِنّا كُنّا مُنْذِرِينَ} و {فِيها يُفْرَقُ..}. إلخ؟ قلت: هما جملتان مستأنفتان ملفوفتان فسر بهما جواب القسم، الذي هو: {إِنّا أَنْزَلْناهُ}.

{أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ (٥)}

الشرح: أي: جميع ما نقدره في تلك الليلة، وما نوحي به إلى الملائكة من شؤون العباد هو أمر حاصل من جهتنا بعلمنا، وتقديرنا، وإنا نرسل الأنبياء إلى الخلق بالشرائع، والأحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>