للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطبة، وشعرا. وقيل: منصوب على نوع المصدر، كقولهم: قعد القرفصاء. وقيل: صفة لمصدر محذوف، التقدير: قولا بهتانا. وقيل: هو مصدر في موضع الحال، أي: مباهتين، وإنّي أعتمد الأوّل، فهو جدير بالاعتبار.

{وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧)}

الشرح: {وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا..}. إلخ؛ أي: بزعمهم. وهناك مقدّر محذوف، بدليل ما بعده، أي: وصلبناه. ففيه اكتفاء. {الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ:} انظر شرح هذه الكلمات في سورة (المائدة).

{رَسُولَ اللهِ:} قد يقال: إنّهم كفروا به وسبّوه، وسبّوا أمه. وقالوا: ساحر، وابن ساحرة، فكيف يقولون فيه: رسول الله؟ والجواب: أنّهم قالوا ذلك تهكّما على حدّ قول المشركين في حقّ محمد صلّى الله عليه وسلّم: {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ،} وقول فرعون فيما حكاه الله عنه: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}. وأجيب أيضا بأنّ هذا من كلام الله تعالى لمدحه، وتنزيهه عن مقالتهم فيه.

{وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ} هذا ردّ لما ادّعاه اليهود من قتل عيسى-عليه السّلام-وصلبه، وتكذيب النّصارى الذين صدّقوا اليهود في دعواهم قتله، وصلبه، فقد روي: أنّ رهطا من اليهود سبّوا عيسى، وسبّوا أمّه-عليهما السّلام-فدعا عليهم بقوله: اللهم أنت ربّي، وبكلمتك خلقتني، اللهم العن من سبّني، وسبّ والدتي! فمسخ الله من سبّهما قردة، وخنازير، فاجتمعت اليهود على قتله، فأخبره الله بأنّه يرفعه إلى السّماء، ويطهّره من صحبة اليهود الخبثاء، فذلك قوله تعالى في سورة (آل عمران) رقم [٥٥]: {إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ..}. إلخ. انظر شرحها هناك فإنّه جيد. والحمد لله! فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي، فيقتل، ويصلب، ويكون رفيقي في الجنّة؟ فقال رجل منهم: أنا يا روح الله! فألقى الله عليه شبهه، وصلب، ورفع عيسى على نبيّنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام من البيت إلى السّماء. وقيل:

كان رجل ينافق عيسى، عليه السّلام، فلمّا أرادوا قتله؛ قال: أنا أدلّكم عليه، فدخل بيت عيسى، ورفع عيسى، وألقى الله شبهه على ذلك، فدخلوا عليه، وقتلوه، وهم يظنّون: أنّه عيسى. وجاز هذا على قوم متعنّتين حكم الله بأنّهم لا يؤمنون. وقيل: دخل طيطايوس اليهودي بيتا كان فيه عيسى، فلم يجده، وألقى الله عليه شبهه، فلمّا خرج؛ ظنّوا: أنّه عيسى، فأخذ،

<<  <  ج: ص:  >  >>