للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلب، وأمثال ذلك من خوارق العادات؛ التي لا تستبعد في زمان النبوّة. وإنّما ذمّهم الله تعالى بما دلّ عليه الكلام من جراءتهم على الله، وقصدهم قتل المؤيّد بالمعجزات الباهرة.

{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} أي: اليهود، واختلفوا في شأن عيسى، على نبينا وعليه ألف صلاة وألف سلام، حيث قال بعضهم: إنّ الوجه المصلوب وجه عيسى، والبدن بدن صاحبنا، وقال بعضهم: إن كان هذا عيسى، فأين صاحبنا؟ وقال بعضهم: قد قتلناه حقّا، وقال قوم: صلب النّاسوت، وصعد اللاهوت. كما اختلفوا في شأنه، وذاته، فقالت فرقة منهم: كان الله فينا ما شاء الله، ثمّ صعد إلى السماء. وهؤلاء هم اليعقوبية. وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء، ثمّ رفعه الله إليه. وهؤلاء هم النّسطورية. وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثمّ رفعه الله إليه، وهؤلاء هم المسلمون منهم الموحّدون، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة الموحّدة، فغلبوها، وقتلوها، فلم يزل التوحيد طامسا حتى بعث الله محمّدا صلّى الله عليه وسلّم. وانظر ما ذكرته في سورة (التوبة) رقم [٣٠] بشأن «بولص» لتتعرّف على الحقيقة، والله أعلم.

{لَفِي شَكٍّ مِنْهُ:} أي: في تردّد، وتحيّر في شأن عيسى، على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، والشك كما يطلق على تساوي الطرفين يطلق على مطلق التردّد، وعلى ما يقابل العلم. {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ} أي: إنّ اختلافهم في شأن عيسى، وأقوالهم المذكورة، كلّ ذلك ظنّ من غير علم. {وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً} أي: وما قتلوه متيقنين: أنّه عيسى، بل شاكّين متوهّمين. وقال ابن عباس، والسّدّي: المعنى: ما قتلوا ظنّهم يقينا، كقولك: قتلته علما: إذا علمته علما تامّا، فالهاء عائدة على الظنّ. والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.

الإعراب: {وَقَوْلِهِمْ:} معطوف على ما قبله، فهو مجرور أيضا، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها. حذفت نونها وبقيت الألف دليلا عليها. {قَتَلْنَا:} فعل، وفاعل. {الْمَسِيحَ:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ). والجملة الاسمية في محل نصب مقول القول للمصدر: ({قَوْلِهِمْ}).

{عِيسَى:} بدل، أو عطف بيان من: {الْمَسِيحَ}. {اِبْنَ:} صفة: {عِيسَى،} وهو مضاف.

و {مَرْيَمَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنّه ممنوع من الصّرف للعلمية، والتأنيث المعنوي. {رَسُولَ:} بدل، أو عطف بيان من: {الْمَسِيحَ،} أو هو منصوب بفعل محذوف، تقديره: أعني، أو أمدح، ويجوز في العربية رفعه على الابتداء، التقدير: هو رسول، و {رَسُولَ:} مضاف. و {اللهِ:} مضاف إليه. {وَما:} الواو: واو الحال. ({ما}): نافية.

{قَتَلُوهُ:} فعل ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {الْمَسِيحَ،} والرّابط: الواو، والضمير، والّتي بعدها معطوفة عليها. {وَلكِنْ:} الواو: حرف عطف. ({لكِنْ}):

حرف استدراك مهمل، لا عمل له. {شُبِّهَ:} فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>