بالرجال، ونساؤهم بالنّساء، فإذا كان ذلك، فارتقبوا عذاب قوم لوط أن يرسل الله عليهم حجارة من سجّيل»، ثم تلا {وَما هِيَ مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}. وفي رواية عنه عليه الصلاة والسّلام:
«لا تذهب الليالي والأيّام حتى تستحلّ هذه الأمّة أدبار الرجال، كما استحلوا أدبار النّساء، فتصيب طوائف هذه الأمّة حجارة من ربّك». وقيل: المعنى ما هذه القرى ببعيد من الظالمين يعني مشركي مكة، فإنها قريبة من بلاد الحجاز، وفي طريقهم إلى بلاد الشام في ذهابهم وإيابهم منها، ولم يؤنث بعيد؛ لأنه على إرادة الحجر أو المكان، أو على إرادة العقاب، ولا يبعد أن يسوى في أمثاله بين المذكر والمؤنث؛ لأنها على زنة المصادر كالصهيل، والشهيق.
الإعراب:{فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا}: انظر الآية رقم [٧٧] لإعراب هذه الكلمات. {جَعَلْنا}: فعل وفاعل. {عَلَيْها}: مفعول به أول. {سافِلَها}: مفعول به ثان، و (ها): في محل جر بالإضافة وهي عائدة على القرى، ولم يتقدم لها ذكر، ولكنها مفهومة من المقام، انظر ما ذكرته في الآية [٤٤] والجملة الفعلية جواب (لمّا) لا حل لها، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له، وجملة:{وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً} معطوفة على جواب (لمّا) لا محل لها مثله. {مِنْ سِجِّيلٍ}: متعلقان بمحذوف صفة: {حِجارَةً}. {مَنْضُودٍ}: صفة: {سِجِّيلٍ}. {مُسَوَّمَةً}:
صفة:{حِجارَةً،} أو هي حال منها بعد وصفها بما تقدم، وهي اسم مفعول فنائب فاعله يعود إلى {حِجارَةً}. {عِنْدَ}: ظرف مكان متعلق ب {مُسَوَّمَةً،} و {عِنْدَ}: مضاف، و {رَبِّكَ}:
مضاف إليه، والكاف في محل جر بالإضافة. {وَما}: الواو: حرف استئناف. (ما): نافية حجازية. {هِيَ}: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع اسم (ما). {مِنَ الظّالِمِينَ}:
متعلقان ب (بعيد) بعدهما. {بِبَعِيدٍ}: الباء: حرف جر صلة. (بعيد): خبر (ما) منصوب. مثل (قريب) في الآية السابقة، هذا؛ وإن اعتبرت (ما) تميمية فالضمير مبتدأ، وتكون الباء زائدة في خبره، والجملة الاسمية:{وَما هِيَ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، وإن اعتبرت الجملة في محل نصب حال من الضمير العائد على القرى فلست مفندا، والرابط: الواو، والضمير.
الشرح:{وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً} أي: وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا، فهو مثل الآية رقم [٥٠] و [٦٠]{قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}: انظر مثل هذا الكلام في الآية رقم [٥٠]، {وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ}: أمرهم بالتوحيد أولا، فإنه ملاك الأمر، ثم نهاهم عما اعتادوه من البخس المنافي للعدل المخل بحكمة التعاوض، فقد كانوا مع كفرهم أهل بخس