للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: يبعد أن تكون الآية نزلت في هؤلاء؛ لأن ما فعله جبلة وأصحابه كان في خلافة الفاروق-رضي الله عنه-وإن كان حكمها ومعناها ينطبقان عليهم، وعلى من حذا حذوهم إلى يوم القيامة. {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ:} أنزلوهم. {دارَ الْبَوارِ:} دار الهلاك، وهي جهنم. والبوار:

الهلاك، وفي المصباح: بار الشيء يبور بورا بالضم: هلك، وبار الشيء بوارا: كسد على الاستعارة؛ لأنه إذا ترك؛ صار غير منتفع به، فأشبه الهالك من هذا الوجه، وأرض بور: لم تزرع، وبور جمع: بائر، قال تعالى: {وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً} ورجل بائر: فاسد، لا خير فيه، وفي الأساس: فلان له نوره، وعليك بوره. أي: هلاكه، ونزلت بوار على الكفار؛ أي: هلاك.

ومن المجازات: بارت البياعات: كسدت، وسوق بائرة، وبارت الأيم: إذا لم يرغب فيها، وكان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يتعوذ من بوار الأيم، وبارت الأرض: إذا لم تزرع، وأرض بوار، وأرضون بور.

الإعراب: {أَلَمْ تَرَ:} انظر الآية رقم [١٩] {إِلَى الَّذِينَ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، وهذا يفيد أن الرؤية بصرية لا قلبية، {بَدَّلُوا:} ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {نِعْمَتَ:} مفعول به أول، و {نِعْمَتَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {كُفْراً:} مفعول به ثان وقيل العكس؛ أي: {كُفْراً} هو المفعول الأول، و {نِعْمَتَ} هو المفعول الثاني، والمعنى لا يؤيده، وجملة: {بَدَّلُوا..}. إلخ صلة الموصول، لا محل لها، وجملة: {(أَحَلُّوا...)} إلخ معطوفة عليها لا محل لها مثلها، وإعرابها واضح و {دارَ} مضاف، و {الْبَوارِ} مضاف إليه.

{جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ (٢٩)}

الشرح: {جَهَنَّمَ:} واد من أودية النار، أو المراد بها النار جميعها. {يَصْلَوْنَها:}

يحترقون فيها، ويقاسون حرها، وشدائدها، وفي المصباح صلي بالنّار، وصليها صليا من باب تعب: وجد حرها. {وَبِئْسَ الْقَرارُ} أي: المستقر، والمقر، وانظر شرح: {وَبِئْسَ} في الآية رقم [٢٤] من سورة (الرعد).

الإعراب: {جَهَنَّمَ:} بدل، أو عطف بيان، أو تفسير ل‍: {دارَ الْبَوارِ،} أو هو منصوب بفعل محذوف، التقدير: يصلون جهنم، فعلى الأول لا يجوز الوقف على {دارَ الْبَوارِ،} وعلى الثاني يجوز الوقف، بل ويحسن. هذا؛ ولو رفع {جَهَنَّمَ} رافع بإضمار على معنى: هي جهنم، أو باعتباره مبتدأ، والجملة بعده خبره لجاز، ولكني لم أجد من قرأ به.

{يَصْلَوْنَها:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، و (ها): مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من {جَهَنَّمَ،} أو من {قَوْمَهُمْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>