بدل مما قبله، وقرئ بنصبه منونا على أنه ظرف له، والجملة الاسمية:{لَكُمْ مِيعادُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول. {لا:} نافية. {تَسْتَأْخِرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله. {عَنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع صفة:{مِيعادُ،} أو هي في محل جر صفة {يَوْمٍ} وذلك على حسب عود الضمير. {ساعَةً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، وجملة:{وَلا تَسْتَقْدِمُونَ} معطوفة على ما قبلها، على الوجهين المعتبرين فيها، وجملة:{قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: أبو جهل الخبيث، ومن على شاكلته، قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم:
{لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ} الذي ينزل عليك يا محمد. {وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتاب السابقة:
التوراة، والإنجيل، والزبور؛ بل نكفر بالجميع. وقيل: المراد بالذي بين يديه: يوم القيامة، وما يذكر فيه من الحساب، والجزاء. والمعتمد الأول، وليس للقرآن يدان، وإنما هو استعارة لما سبقه من الكتاب السماوية المنزلة من عند الله.
وسبب ذلك: أن أهل الكتاب قالوا للمشركين: إن صفة محمد في كتبنا كذا، وكذا، فاسألوه! فلما سألوه أجاب بما قال أهل الكتاب موافقا لهم، فقال المشركون عندئذ: لا نؤمن بهذا القرآن، ولا بالذي بين يديه، وكانوا قبل ذلك يراجعون أهل الكتاب، ويستشيرونهم في أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويحتجون بقولهم، فظهر بذلك تناقضهم، وسفه عقولهم.
{وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ:} محبوسون في موقف الحساب. {عِنْدَ رَبِّهِمْ:} ينتظرون أمره تعالى فيهم، وهم ذليلون وجلون، لا يرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكل من يتأتّى منه الرؤية. {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ:} يتراجعون الكلام فيما بينهم، ويلوم بعضهم بعضا. ويوبخ بعضهم بعضا على ما اقترفوه من كفر، وهذا بعد أن كانوا في الدنيا متعاونين متناصرين. {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} أي: الذين كانوا فقراء مستضعفين، والذين تبعوا الرؤساء، وانقادوا لهم في الكفر، ومعاندة الحق، وهذا يكون في الآخرة حينما يعاينون العذاب، وغضب الواحد الجبار. {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا:} وهم القادة والرؤساء. {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} أي: لولا أنتم تصدونا عن الإيمان؛ لكنا اتبعنا الرسول، وآمنا بما جاءنا به، ولكنكم أغويتمونا وأضللتمونا.