للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدل مما قبله، وقرئ بنصبه منونا على أنه ظرف له، والجملة الاسمية: {لَكُمْ مِيعادُ..}. إلخ في محل نصب مقول القول. {لا:} نافية. {تَسْتَأْخِرُونَ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله. {عَنْهُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل رفع صفة: {مِيعادُ،} أو هي في محل جر صفة {يَوْمٍ} وذلك على حسب عود الضمير. {ساعَةً:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، وجملة: {وَلا تَسْتَقْدِمُونَ} معطوفة على ما قبلها، على الوجهين المعتبرين فيها، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ (٣١)}

الشرح: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: أبو جهل الخبيث، ومن على شاكلته، قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم:

{لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ} الذي ينزل عليك يا محمد. {وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتاب السابقة:

التوراة، والإنجيل، والزبور؛ بل نكفر بالجميع. وقيل: المراد بالذي بين يديه: يوم القيامة، وما يذكر فيه من الحساب، والجزاء. والمعتمد الأول، وليس للقرآن يدان، وإنما هو استعارة لما سبقه من الكتاب السماوية المنزلة من عند الله.

وسبب ذلك: أن أهل الكتاب قالوا للمشركين: إن صفة محمد في كتبنا كذا، وكذا، فاسألوه! فلما سألوه أجاب بما قال أهل الكتاب موافقا لهم، فقال المشركون عندئذ: لا نؤمن بهذا القرآن، ولا بالذي بين يديه، وكانوا قبل ذلك يراجعون أهل الكتاب، ويستشيرونهم في أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويحتجون بقولهم، فظهر بذلك تناقضهم، وسفه عقولهم.

{وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ:} محبوسون في موقف الحساب. {عِنْدَ رَبِّهِمْ:} ينتظرون أمره تعالى فيهم، وهم ذليلون وجلون، لا يرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ولكل من يتأتّى منه الرؤية. {يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ:} يتراجعون الكلام فيما بينهم، ويلوم بعضهم بعضا. ويوبخ بعضهم بعضا على ما اقترفوه من كفر، وهذا بعد أن كانوا في الدنيا متعاونين متناصرين. {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} أي: الذين كانوا فقراء مستضعفين، والذين تبعوا الرؤساء، وانقادوا لهم في الكفر، ومعاندة الحق، وهذا يكون في الآخرة حينما يعاينون العذاب، وغضب الواحد الجبار. {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا:} وهم القادة والرؤساء. {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنّا مُؤْمِنِينَ} أي: لولا أنتم تصدونا عن الإيمان؛ لكنا اتبعنا الرسول، وآمنا بما جاءنا به، ولكنكم أغويتمونا وأضللتمونا.

<<  <  ج: ص:  >  >>