للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النّارِ (١٩١)}

الشرح: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ..}. إلخ. أي: يذكرون الله دائما على جميع الحالات، قائمين، وقاعدين، ومضطجعين، وماشين، وراكبين. وقيل: معناه يصلّون على الهيئات الثلاث حسب طاقتهم، لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعمران بن حصين-رضي الله عنه-لمّا أصيب بالبواسير: «صلّ قائما، فإن لم تستطع؛ فقاعدا، فإن لم تستطع؛ فعلى جنب». أخرجه الشيخان في الصّحيحين، ولا دليل في الآية الكريمة للّذين يذكرون الله قياما، وهم يصفّقون، ويأتون بحركات، ويتكلّمون بكلمات ليست من الدّين في شيء. انظر ما نقلته عن القرطبي في سورة (الأنفال) رقم [٢] و [٣٥] تجد ما يسرّك.

هذا؛ وإنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذكر لنا ألفاظا، ورغّبنا بذكر الله فيها، لا ما ينطق به هؤلاء المبتدعة.

من ذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: «كلمتان خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم». أخرجه الخمسة ما عدا أبا داود.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-، وعن سمرة بن جندب-رضي الله عنه-قال، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أحبّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر. لا يضرّك بأيّهنّ بدأت». رواه مسلم، وغيره.

وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدّثهم: أنّ عبدا من عباد الله قال: «يا ربّ لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فعضّلت بالملكين، فلم يدريا كيف يكتبانها، فصعدا إلى السّماء، فقالا: يا ربنا! إنّ عبدك قد قال مقالة، لا ندري كيف نكتبها؟ قال الله-وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا ربّ! إنّه قال: يا ربّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي حتّى يلقاني، فأنا أجزيه بها». رواه أحمد.

وعن أبي أيوب-رضي الله عنه-قال، قال رجل عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحمد لله حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صاحب الكلمة؟» فسكت الرّجل، وظن: أنّه قد هجم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على شيء يكرهه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من هو؟ فإنّه لم يقل إلا صوابا».

فقال الرّجل: أنا قلتها يا رسول الله! أرجو بها الخير، فقال: «والّذي نفسي بيده لقد رأيت ثلاثة عشر ملكا يبتدرون كلمتك أيّهم يرفعها إلى الله تبارك وتعالى». رواه الطّبراني، وانظر الآية رقم [١٥٢] من سورة (البقرة) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكر الله عز وجل في كلّ أحيانه.

أخرجه مسلم. وأقول: وفي كلّ حالاته، وحركاته، وسكناته، لكن لا بالتّصفيق، والرقص،

<<  <  ج: ص:  >  >>