للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَسْكَنِهِمْ:} خبر المبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية لا محل لها على الوجهين المعتبرين في الفاء. {لَمْ:} حرف جزم. {تُسْكَنْ:} فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم ب‍: {لَمْ،} ونائب الفاعل يعود إلى {مَسْكَنِهِمْ،} والجملة الفعلية في محل نصب حال من {مَسْكَنِهِمْ،} والرابط: الضمير فقط، والعامل في الحال اسم الإشارة، وأجيز اعتبارها في محل رفع خبر ثان، كما أجيز اعتبار {مَسْكَنِهِمْ} بدلا من تلك، فتكون الجملة الفعلية خبرا للمبتدإ. {مِنْ بَعْدِهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة.

{إِلاّ:} أداة استثناء. {قَلِيلاً:} صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: إلا سكنا قليلا، أو صفة زمان محذوف، أي: إلا زمنا قليلا، أو صفة مكان محذوف، أي: إلا مكانا قليلا. والأقوى الثاني من الثلاثة. {وَكُنّا:} الواو: واو الحال. (كنا): فعل ماض ناقص مبني على السكون، و (نا): اسمه. {نَحْنُ:} ضمير فصل لا محل له، أو هو توكيد ل‍: (نا). {الْوارِثِينَ:} خبر كان منصوب، وعلامة نصبه الياء... إلخ، وجملة {وَكُنّا..}. إلخ في محل نصب حال من (نا)، والرابط: الواو، والضمير، أو هي مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر.

{وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ (٥٩)}

الشرح: {وَما كانَ رَبُّكَ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ويعم كل واحد من العقلاء. {مُهْلِكَ الْقُرى} أي: القرى الكافرة. {حَتّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً} أي: في أكبرها وأعظمها رسولا ينذرهم، وخص الأم ببعثة الرسول؛ لأنه يبعث إلى الأشراف، وهم سكان المدن، بخلاف أهل البوادي، فإن الله لا يبعث فيهم، انظر ما ذكرته الآية رقم [١٠٩] من سورة (يوسف) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام. وقيل: المراد بأم القرى: مكة المكرمة، والمراد بالرسول: محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه خاتم الأنبياء، ويؤيده قوله تعالى في سورة (الأنعام) [٩٢]: {وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها}.

{يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا:} يقرأ عليهم ما ننزله عليه من آيات، وهذا يفيد: أن أهل الفترة غير معذبين في الدنيا، وفيه دلالة على أنهم لا يعذبون في الآخرة، كما هو صريح قوله تعالى في سورة (الإسراء) رقم [١٥]: {وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً}. {وَما كُنّا مُهْلِكِي الْقُرى..}.

إلخ: أي: لم أهلكهم إلا وقد استحقوا الإهلاك؛ لإصرارهم على الكفر بعد الإعذار إليهم، وفي هذا بيان لعدله، وتقدسه عن الظلم.

أخبر الله تعالى في هذه الآية: أنّه لا يهلك قوما هلاك استئصال إلا إذا استحقوا الإهلاك بظلمهم. ولا يهلكهم مع كونهم ظالمين إلا بعد تأكيد الحجة، والإلزام ببعثة الرسل. ولا يجعل علمه بأحوالهم حجة عليهم، ونزه ذاته أن يهلكهم؛ وهم غير ظالمين، وهو صريح قوله تعالى في

<<  <  ج: ص:  >  >>