للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحلال والحرام، والحدود والفرائض والأحكام. وقيل: ثقيلا على المنافقين؛ لأنه يبين عيوبهم، ويظهر نفاقهم. وقيل: هو خفيف على اللسان بالتلاوة، ثقيل في الميزان بالثواب يوم القيامة. وقيل: سماه ثقيلا لما فيه من المحكم، والمتشابه، والناسخ، والمنسوخ.

وقيل: ثقيلا في الوحي، وذلك: أنه صلّى الله عليه وسلّم كان إذا نزل عليه القرآن، والوحي يجد له مشقة.

فعن عائشة-رضي الله عنها-أن الحارث بن هشام-رضي الله عنه-سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال: «أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّه عليّ، فيفصم عني، وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثّل لي الملك رجلا، فيكلّمني، فأعي ما يقول». قالت عائشة -رضي الله عنها-: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإنّ جبينه ليتفصّد عرقا، أخرجه البخاري، وعنها أيضا قالت: إن كان ليوحى إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو على راحلته، فتضرب بجرانها (صدرها) الأرض، فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرّى عنه؛ يعني:

الوحي ينتهي. رواه الإمام أحمد. وعن زيد بن ثابت-رضي الله عنه-قال: أنزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الوحي، وفخذه على فخذي، فكادت ترضّ فخذي. انتهى. خازن، وقرطبي، ومختصر ابن كثير.

الإعراب: {إِنّا:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {سَنُلْقِي:} السين: حرف استقبال، وهو مفيد هنا للتوكيد قطعا؛ لأنه وعد من الكريم. (نلقي): فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل ضمير مستتر تقديره: «نحن». {عَلَيْكَ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {قَوْلاً:} مفعول به.

{ثَقِيلاً:} صفة له، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. وعن الزمخشري قال: معترضة بين الأمر بقيام الليل، وبين تعليله الآتي.

{إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (٦)}

الشرح: {إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ:} النفس الناشئة في الليل؛ التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة، أي: تنهض، وترتفع، من: نشأت السحابة، إذا ارتفعت، ونشأ من مكانه، ونشر: إذا نهض.

قال الشاعر: [الطويل]

نشأنا إلى خوص برى نيّها السّرى... وألصق منها مشرفات القماحد

معنى البيت: نهضنا وقمنا إلى خوص، جمع: خوصاء، وهي الناقة المرتفعة الأعلى، الضخمة الأسفل. برى نيها: أي: أذاب شحمها سير الليل. والقماحد: جمع القمحدوة بسكون الحاء، وهو مؤخر القذال، وهي فأس الرأس المشرفة على النقرة. والمعنى: قصدنا إلى ناقة

<<  <  ج: ص:  >  >>