بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، و {أَنْ،} والفعل مضارع في تأويل مصدر في محل رفع فاعل، وتقدير الكلام: ألن يكفيكم إمداد ربكم. والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: {تَقُولُ..}. إلخ في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. {بِثَلاثَةِ:}
متعلقان بالفعل قبلهما، و (ثلاثة) مضاف، و {آلافٍ:} مضاف إليه. {مِنَ الْمَلائِكَةِ:} متعلقان بمحذوف حال من (ثلاثة {آلافٍ}) أو صفة له، وهما تمييز له في الأصل. {مُنْزَلِينَ:} حال من الملائكة، أو صفة ثانية له، وهو أظهر. انتهى نقلا عن السمين.
{بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)}
الشرح: {بَلى إِنْ تَصْبِرُوا:} على لقاء العدو، وتثبتوا في ميدان الحرب. لكنّهم صبروا في موقعة بدر، وفي غزوة الخندق، ولم يصبروا في غزوة أحد. {وَتَتَّقُوا} الله في جميع أحوالكم، وتخافوه في جميع تصرّفاتكم، وحركاتكم، وسكناتكم. {وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا:} الفور:
السرعة، والعجلة، وهو من: فارت القدر: إذا غلت، فاستعير للسّرعة، ثمّ سميت بها الحالة؛ التي لا ريث فيها، ولا تعريج على شيء من صاحبها، يقال: خرج من فوره، كما يقال: خرج من ساعته، ولم يلبث.
{مُسَوِّمِينَ:} بكسر الواو المشدّدة، أي: معلمين أنفسهم، أو خيولهم بعلامة يعرفون بها في الحرب. والسّيماء، والسّيمة، والسّومة: العلامة، وهذه العلامة يعلّمها الفارس يوم اللقاء ليعرف بها. قال عنترة في معلّقته: [الكامل]
فتعرفوني أنّني أنا ذلكم... شاكي السّلاح في الحوادث معلم
هذا؛ ودلّت الآية الكريمة على اتّخاذ العلامة للقبائل، والكتائب يجعلها السّلطان لهم لتتميز كلّ قبيلة، وكتيبة من غيرها عند الحرب. وفي عصرنا هذا كلّ دولة تتخذ علما خاصّا بها. ويقرأ بفتح الواو المشدّدة بمعنى معلمين بعمائم صفر مرخاة على أكتافهم، أو معلمين بعمائم بيض.
فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا معلمين بالصّوف الأبيض في نواصي الدواب، وأذنابها، وقد كانوا على صور الرّجال، ويقولون للمؤمنين: اثبتوا؛ فإنّ عدوّكم قليل. والله معكم.
تنبيه: سئل السّبكي-رحمه الله تعالى-عن الحكمة في قتال الملائكة مع أنّ جبريل عليه السّلام قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه. وأجاب بأن ذلك لإرادة أن يكون الفضل للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش في الحرب، رعاية لصورة الأسباب؛ التي أجراها الله تعالى في عباده، والله فاعل للجميع. وذكرت الجواب في الآية السابقة.