قال سليمان الجمل-رحمه الله تعالى-: لكن هنا وقفة من حيث إنّ الكلام السابق إنما هو في الوصية المنسوخة، التي هي للوالدين، والأقربين، والكلام في هذه الآية، والتي بعدها، إنّما هو في الوصية، التي استقر عليها الشرع، ويعمل بها إلى الآن، وإذا كان كذلك، فكيف يعود الضمير من المحكمة على المنسوخة؟! فليتأمل، فإني لم أر من نبّه على هذا. أقول: الذي جوز ذلك الاسم الجامع بينهما بغضّ النظر عن المنسوخة، والمحكمة.
الإعراب:{فَمَنْ:} الفاء: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {بَدَّلَهُ:} فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من) والهاء مفعول به. ({بَعْدَ}): ظرف زمان متعلق بما قبله وهو مضاف. ({ما}): اسم موصول مبني على السكون في محل جر بالإضافة، {سَمِعَهُ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى ({ما}) وهو العائد، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية صلة ({ما}) لا محل لها، والعائد محذوف، التقدير:
بعد الذي سمعه. هذا؛ وعلى اعتبار ({ما}) مصدرية، تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بإضافة ({بَعْدَ}) إليه، التقدير: بعد سمعه، والمتعلق محذوف، التقدير: بعد سمعه له. {فَإِنَّما:}
الفاء: واقعة في جواب الشرط. (إنما): كافة ومكفوفة. {إِثْمُهُ:} مبتدأ، والهاء: في محل جر بالإضافة. {عَلَى الَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {يُبَدِّلُونَهُ:} فعل مضارع، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية:(إنما {إِثْمُهُ..}.) إلخ في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحلّ محلّ المفرد. هذا؛ وإن اعتبرت (من) اسما موصولا في محل رفع مبتدأ، والجملة الفعلية بعدها صلتها، والجملة الاسمية:{فَإِنَّما..}. إلخ في محل رفع خبرها، ودخلت الفاء على الخبر؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، فهو جيد، والمعنى لا يأباه، وعلى الاعتبارين فالجملة الاسمية: مستأنفة لا محل لها. {إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ:} إعرابها لا خفاء فيه، والجملة الاسمية معترضة في آخر الكلام، الغاية منها: التهديد، والوعيد لمن يغيّر في الوصيّة شيئا.
الشرح:{فَمَنْ خافَ:} توقّع، وقيل: معناه: علم، وهو مجاز، والعلاقة بينهما هو أنّ الإنسان، لا يخاف شيئا؛ حتى يعلم أنّه ممّا يخاف منه، فهو من باب التعبير عن السبب بالمسبّب. ومن مجيء الخوف بمعنى العلم، قوله تعالى في الآية رقم [٢٢٩] الآتية: {إِلاّ أَنْ يَخافا أَلاّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ} انتهى جمل. هذا؛ وأمّا التّخوّف، فهو التنقّص، كما في قوله تعالى في الآية رقم [٤٧] من سورة (النحل): {أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ}. يروى: أن عمر