قبله، و (نا): في محل جر بالإضافة. من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الفعلية (اصنع...) إلخ معطوفة على جملة: {فَلا تَبْتَئِسْ..}. إلخ لا محل لها مثلها. (لا): ناهية. {تُخاطِبْنِي}:
مضارع مجزوم ب (لا) الناهية والفاعل تقديره: «أنت»، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها. {فِي الَّذِينَ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة:{ظَلَمُوا} مع المفعول المحذوف صلة الموصول. {إِنَّهُمْ}: حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {مُغْرَقُونَ}: خبرها مرفوع، وعلامة رفعه الواو؛ لأنه جمع مذكر سالم... إلخ، ونائب فاعله مستتر تقديره:«أنتم»، والجملة الاسمية:{إِنَّهُمْ..}. إلخ تعليل للنهي لا محل لها. هذا؛ وأكدت الجملة الاسمية بإن؛ لأن الكلام يشير إلى أن سائلا يسأل عن سبب النهي المتقدم، فجيء بإن المؤكدة، وهذا النوع من أنواع الخبر يسمى طلبيا، وهو من مباحث علم المعاني.
الشرح:{وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ}: حكاية حال ماضية، فالمضارع بمعنى الماضي، أي: وصنع نوح-عليه السّلام-سفينته كما أمره ربه. قال أهل السير، والأخبار: لما أمر الله نوحا بصنع السفينة، فقال: كيف أصنعها، ولست نجارا، فأوحى إليه أن اصنعها، فإنك بأعيننا، فأخذ القدوم، وجعل ينجر، ولا يخطئ، فصنعها مثل جؤجؤ الطير، ولا ريب أن جبريل عليه السّلام هو المهندس لهذا الصنع، فجعل يقطع الأخشاب من البرية، ولهى عن قومه، ويضرب الحديد، ويهيئ القار، وكل ما يحتاج إليه في عمل السفينة، فصار قومه يمرون به، وهو في عمله، فيسخرون منه، ويقولون: يا نوح! قد صرت نجارا بعد النبوة؟! وأعقم الله أرحام النساء، قبل الغرق بأربعين سنة، فلم يولد لهن ولد.
وقد اختلفوا في المدة التي تم بها صنع السفينة، فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-، قال:
اتخذ نوح السفينة في سنتين. وقال كعب: بناها في ثلاثين سنة، وقيل: غير ذلك، والله أعلم.
كما اختلفوا في طولها وعرضها، فعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان طولها ثلاثمائة ذراع، وعرضها خمسين، وسمكها ثلاثين ذراعا، وكانت من خشب الساج، وقيل: غير ذلك، وجعل لها ثلاثة بطون، فجعل في البطن الأسفل الوحوش، والسباع، والهوام، وفي البطن الأوسط الدواب، والأنعام، وركب هو ومن معه في البطن الأعلى، وجعل معه ما يحتاج إليه من الزاد وغيره. انتهى. خازن وقرطبي.
روي عن عمرو بن الحارث قال: عمل نوح السفينة ببقاع دمشق، وقطع خشبها من جبل لبنان، وقيل: جاءت الحية، والعقرب لدخول السفينة، فقال نوح عليه السّلام: لا أحملكما؛