للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنكما سبب البلاء والضرر، فقالتا: احملنا فنحن نضمن لك أن لا نضر أحدا ذكرك، فمن قرأ حين يخاف مضرتهما: {سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ} لم تضراه. ذكره القشيري وغيره، وذكر الحافظ ابن عساكر في التاريخ له مرفوعا من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من قال حين يمسي: صلّى الله على نوح، وعلى نوح السّلام؛ لم تلدغه عقرب تلك الليلة» انتهى.

قرطبي. وذكر الخازن حكايات، هي من نوع الخرافات.

{وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ} أي: استهزءوا به لعمله السفينة، إما لأنهم كانوا لا يعرفونها، ولا كيفية استعمالها، والانتفاع بها، فتعجبوا من ذلك وسخروا منه، وإما لأنه كان يصنعها في برية في أبعد موضع من الماء، وكلما سألوه: يا نوح ما تصنع؟ قال: أبني بيتا يمشي على الماء، أو هو قولهم السابق: يا نوح قد صرت نجارا بعد النبوة؟!.

{قالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنّا فَإِنّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ..}. إلخ: المعنى: إن تستجهلونا في صنعنا، فإنا نستجهلكم لتعرضكم لما يوجب سخط الله وعذابه، وقوله {نَسْخَرُ مِنْكُمْ} سمى هذا الفعل سخرية على سبيل الازدواج في مشاكلة الكلام، وقد مر معنا مثل ذلك كثير، انظر الآية رقم [٦٧] التوبة و [٣٠] الأنفال وغيرهما، وانظر الكلام على الاستهزاء في الآية رقم [٦٤] من سورة (التوبة).

الإعراب: {وَيَصْنَعُ}: الواو: حرف استئناف. (يصنع): مضارع، والفاعل يعود إلى نوح عليه السّلام. {الْفُلْكَ}: مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة لا محل لها. {وَكُلَّما}: الواو:

واو الحال. (كلما): ظرفية متعلقة بجوابها، وكذلك كل موضع كان لها جواب، وهذا يعني:

أنها متضمنة معنى الشرط، وهذا هو المشهور؛ إذ هي تحتاج إلى جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، وتفصيل الإعراب: (كل): ظرف زمان. (ما): مصدرية توقيتية.

{مَرَّ}: ماض. {عَلَيْهِ}: متعلقان به. {مَلَأٌ}: فاعله. {مِنْ قَوْمِهِ}: متعلقان بمحذوف صفة:

{مَلَأٌ،} والهاء في محل جر بالإضافة، و (ما) والفعل {مَرَّ} في تأويل مصدر في محل جر بإضافة (كل) إليه، التقدير: كل وقت مرور الملأ عليه، وهذا التقدير، وهذه الإضافة هما اللذان سببا الظرفية ل‍ (كل)، انظر مبحث (كلما) في كتابنا: «فتح القريب المجيب»، وقيل: (ما) نكرة موصوفة، والجملة الفعلية بعدها صفة لها، وهي بمعنى وقت أيضا. {سَخِرُوا}: ماض، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مِنْهُ}: متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة: {سَخِرُوا مِنْهُ} جواب (كلما) لا محل لها، وقيل: الجواب جملة: {قالَ إِنْ..}. إلخ وجملة: {سَخِرُوا مِنْهُ} صفة:

{مَلَأٌ... ،} أو هي بدل من جملة: {مَرَّ..}. إلخ وهو بعيد جدا؛ إذ ليس سخر نوعا من المرور، ولا هو هو، فكيف يبدل منه، وعليه فالمعتمد الأول، ومثله ما قيل في الآية رقم [٣٧] من سورة (آل عمران)، و (كلما) ومدخولها في محل نصب حال من فاعل (يصنع) المستتر والرابط: الواو، والضمير المجرور بحرف الجر. {إِنْ}: حرف شرط جازم. {تَسْخَرُوا}: مضارع فعل الشرط

<<  <  ج: ص:  >  >>