للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اِقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥)}

الشرح: {أَوَلَمْ:} هو مثل الآية السابقة. {يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ..}. إلخ: نظر تفكر، واعتبار، واستدلال. (الملكوت): الملك العظيم، فهو من أبنية المبالغة وانظر الآية رقم [٧٥] الأنعام.

{وَالْأَرْضِ:} انظر الآية رقم [١] منها. {وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ:} مما يقع عليه الشيء من الأجناس، التي لا يمكن حصرها؛ ليدلهم على كمال قدرة صانعها، ووحدة مبدعها، وعظم شأن مالكها، وليظهر لهم صحة ما يدعوهم إليه. وانظر شرح: {شَيْءٍ} في الآية رقم [٨٥]. {اللهُ:}

انظر رقم [٨٧]. {وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ:} والمعنى: أولم ينظروا في اقتراب آجالهم، فيسارعوا إلى طلب الحق، والتوجه إلى ما ينجيهم قبل معاينة الموت، ونزول العذاب. انتهى بيضاوي.

{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ:} تعجب من حال الكفار. والمعنى: فبأي كتاب بعد الكتاب الذي جاء به محمد صلّى الله عليه وسلّم يؤمنون إذا لم يؤمنوا به، ويصدقوا بتعاليمه، وليس بعد كتابه كتاب؛ لأنه خاتم الرسل، وكتابه خاتم الكتب، لانقطاع الوحي بعده إلى يوم القيامة. انتهى. خازن.

قال القرطبي: استدل بهذه الآية، وأمثالها من قال بوجوب النظر في آيات الله، والاعتبار بمخلوقاته، قالوا: وقد ذم الله من لم ينظر، وسلبهم الانتفاع بحواسهم، فقال: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها..}. إلخ الآية رقم [١٧٩]. انتهى بتصرف كبير.

الإعراب: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا:} إعراب هذه الجملة مثل إعراب: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} في الآية السابقة. {فِي مَلَكُوتِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وهما في محل نصب مفعول به، و {مَلَكُوتِ:}

مضاف، و {السَّماواتِ:} مضاف إليه. (الأرض): معطوف على ما قبله. {وَما:} اسم موصول مبني على السكون في محل جر معطوف على: {مَلَكُوتِ،} والجملة الفعلية بعدها صلتها، والعائد محذوف؛ إذ التقدير: وفي الذي خلقه الله. {مِنْ شَيْءٍ:} متعلقان بمحذوف حال من العائد المحذوف، و (من) بيان لما أبهم في (ما). {أَنْ:} مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف، التقدير: أنه، وجوز أبو البقاء اعتبار {أَنْ} مصدرية. {عَسى:} فعل ماض جامد، مبني على فتح مقدر على الألف، والمصدر المؤول من: {أَنْ يَكُونَ} في محل رفع فاعل:

{عَسى،} وهو تام هنا، وإن كان من أفعال الرجاء. وجملة: {عَسى أَنْ يَكُونَ} في محل رفع خبر: {أَنْ،} و {أَنْ} واسمها المحذوف، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر معطوف على:

{مَلَكُوتِ،} وعلى اعتبار: {أَنْ} مصدرية تؤول مع الفعل: {عَسى} بمصدر في محل جر... إلخ. {قَدِ:} حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {اِقْتَرَبَ:} ماض. {أَجَلُهُمْ:}

<<  <  ج: ص:  >  >>