للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل رفع مبتدأ مؤخر، التقدير: عدم تزكيته ما كائن، أو ما حرج، ولا مؤاخذة عليك بسببها، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل {تَصَدّى،} والرابط: الواو، والضمير. هذا؛ وأجيز اعتبار (ما) استفهامية مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ، واعتبار الجار، والمجرور متعلقين بمحذوف في محل رفع خبره، واعتبار المصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: أي شيء عليك في كونه لا يفلح، ولا يتطهر من دنس الكفر؟! وهذا يعني: أن الجار، والمجرور متعلقان ب‍: (ما) الاستفهامية لما فيها من معنى الفعل، أو هما متعلقان بالخبر المحذوف، وعلى هذا الوجه من الاعتبار لا تكون الجملة في محل نصب حال، بل هي مستأنفة؛ لأن الحال لا تكون جملة إنشائية، والاستفهام إنشاء. ومثل هذه الآية في وجهي الإعراب قول الشاعر-وهو الشاهد رقم [٧٣]: من كتابنا: «فتح رب البرية» والشاهد رقم [٨١٣]: من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [البسيط]

وما نبالي إذا ما كنت جارتنا... ألاّ يجاورنا إلاّك ديّار

{وَأَمّا مَنْ جاءَكَ:} هو مثل الآية رقم [٥]. {يَسْعى:} فعل مضارع مرفوع، والفاعل يعود إلى (من)، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل {جاءَكَ،} والرابط: الضمير فقط.

{وَهُوَ:} الواو: واو الحال. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، وجملة:

{يَخْشى} في محل رفع خبره، والجملة الاسمية في محل نصب حال من فاعل {يَسْعى} فهي حال متداخلة، أو من فاعل {جاءَكَ} فهي حال متكررة، والرابط: الواو، والضمير. {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّى:}

مثل: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى} محلا وإعرابا. والله الموفق، والمعين.

{كَلاّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦)}

الشرح: {كَلاّ:} ردع؛ أي: لا تعد إلى مثل ذلك يا محمد! وانظر الآية رقم [١٦]: من سورة (المدثر). {إِنَّها} أي: الآيات، أو السورة، أو القرآن كله. {تَذْكِرَةٌ:} موعظة، وتذكير، وتبصرة لمن يتعظ، ويتذكر. {فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ} أي: اتعظ، وتذكر بالقرآن. قال الجرجاني: {إِنَّها} أي: القرآن، والقرآن مذكر؛ إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة؛ أخرجه على لفظ التذكرة، ولو ذكّره لجاز، كما قال في موضع آخر: {كَلاّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} سورة (المدثر) رقم [٥٤]. انظرها هناك فالكلام عليها جيد. قال المفسرون: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد هذا العتاب لا يعبس في وجه فقير قط، ولا يتصدى لغني أبدا، وكان الفقراء في مجلسه أمراء، وكان إذا دخل ابن أم مكتوم؛ يبسط له رداءه، ويقول: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي». ثم بعد هذا البيان أخبر عن جلالة قدر القرآن، فقال: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} أي: هو في صحف مكرمة عند الله. وقيل: مكرمة؛ لأنها نزل بها كرام

<<  <  ج: ص:  >  >>