للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل جر بإضافة {إِذا} إليها. {إِلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {وَرَسُولِهِ:} معطوف على ما قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {لِيَحْكُمَ:} مضارع يقرأ بالبناء للمعلوم، وبالبناء للمجهول، فهو منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى رسوله. {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، أو هو متعلق بالفعل على أنه نائب فاعله على قراءة الفعل بالبناء للمجهول.

وقيل: نائب الفاعل يعود إلى مصدر الفعل؛ لأن معناه: ليفعل الحكم بينهم، والهاء في محل جر بالإضافة، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {دُعُوا،} والمصدر المؤول من: {أَنْ يَقُولُوا} في محل رفع اسم {كانَ} مؤخر، وقرأ أمير المؤمنين عليّ كرم الله وجهه، والحسن برفع «(قول المؤمنين)» على أنه اسم {كانَ،} والمصدر المؤول في محل نصب خبرها، وقراءة الجمهور بالنصب أقوى؛ لأن أولى الاسمين بكونه اسما ل‍: {كانَ} أو غلهما في التعريف، والمصدر المؤول أوغل بخلاف (قول المؤمنين) فإن الإضافة فيه بنية الانفصال. {سَمِعْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، وجملة: (أطعنا) معطوفة عليها، فهي مثلها في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية: {إِنَّما كانَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، والجملة الاسمية: {وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} مستأنفة، لا محل لها، وإعرابها مثل إعراب: {أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ} في الآية السابقة.

{وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢)}

الشرح: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ} فيما يأمران به، وينهيان عنه، أو يطع الله في الفرائض، ورسوله في السنن. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي: فيما سره، وأحزنه. {وَيَخْشَ اللهَ:} على ما مضى من ذنوبه. {وَيَتَّقْهِ} أي: فيما بقي من عمره. {فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ} أي: برضوان الله ورحمته، وجنته؛ كيف لا؟ والله يقول: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً} الآية رقم [٦٩] من سورة (النساء).

فائدة: ذكر أسلم-رضي الله عنه-: أن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-بينما هو قائم في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإذا رجل من دهاقين الروم قائم على رأسه، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمدا رسول الله، فقال له عمر: ما شأنك؟ قال: أسلمت لله. قال: هل لهذا من سبب؟ قال: نعم، قرأت التوراة، والزبور، والإنجيل، وكثيرا من كتب الأنبياء، فسمعت أسيرا يقرأ آية من القرآن جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة، فعلمت: أنها من عند الله فأسلمت، قال: ما هذه الآية؟ قال: قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ} والفائز من نجا من النار، وأدخل الجنة! فقال عمر-رضي الله عنه-: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أوتيت جوامع الكلم». انتهى. قرطبي بتصرف. وانظر الآية رقم [٥٤] الآتية.

<<  <  ج: ص:  >  >>