للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{لِيَسْئَلَ الصّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (٨)}

الشرح: {لِيَسْئَلَ الصّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ:} فيه أربعة، أوجه:

أحدها: ليسأل الأنبياء عن تبليغهم الرسالة إلى قومهم؛ حكاه النقاش. وفي هذا تنبيه على أنه إذا كان الأنبياء يسألون، فكيف من سواهم؟!

الثاني: ليسأل الأنبياء عما أجابهم به قومهم، حكاه علي بن عيسى.

الثالث: ليسأل الأنبياء عليهم السّلام عن الوفاء بالميثاق، الذي أخذه عليهم. حكاه ابن شجرة.

الرابع: ليسأل الأفواه الصادقة عن القلوب المخلصة، كما في قوله تعالى في الآية رقم [٦] من سورة (الأعراف): {فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}. وقيل: فائدة سؤالهم:

توبيخ الكفار، كما يقول الله لعيسى عليه السّلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}. انتهى. قرطبي بتصرف.

الإعراب: {لِيَسْئَلَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل يعود إلى الله، و «أن» المضمرة، والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: فعلنا ذلك؛ ليسأل الله الأنبياء يوم القيامة عما قالوه لقومهم.

وقيل: متعلقان ب‍: {أَخَذْنا،} والأول أقوى. {الصّادِقِينَ:} مفعول به. {عَنْ صِدْقِهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَأَعَدَّ:} الواو: حرف عطف. (أعد): فعل ماض، والفاعل يعود إلى (الله) أيضا. {لِلْكافِرِينَ:} متعلقان بما قبلهما. {عَذاباً:} مفعول به.

{أَلِيماً:} صفة، وجملة: {وَأَعَدَّ..}. إلخ معطوفة على جملة: {أَخَذْنا..}. إلخ من جهة أن بعثة الرسل، وأخذ الميثاق منهم لإثابة المؤمنين، أو هي معطوفة على ما دل عليه {لِيَسْئَلَ} كأن قال:

فأثاب المؤمنين، وأعد للكافرين.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (٩)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ:} وهي ما امتن الله به عليهم من خيبة المشركين من كفار قريش، وحلفائهم من قبائل غطفان، وفزارة، وقبائل اليهود الذين تحالفوا، وتعاقدوا على استئصال المسلمين في المدينة المنورة. {إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ:} يعني: القبائل المذكورة الذين تحزبوا على عداوة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحربه. {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً:} يعني: الصّبا،

<<  <  ج: ص:  >  >>