للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرجوح. {عَلَى النّاسِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو بالفعل بعدهما. {يَسْتَوْفُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية جواب {إِذَا} لا محل لها. وقيل جواب (إذا) محذوف، تقديره: قبضوا منهم. وجملة: {يَسْتَوْفُونَ} في محل نصب حال من فاعل الفعل المحذوف. وهو تكلف لا داعي له. هكذا قيل في جواب (إذا) الثانية. و (إذا) ومدخولها صلة الموصول {الَّذِينَ} لا محل له. (إذا): مثل سابقتها. {كالُوهُمْ:} فعل ماض، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها كما رأيت سابقا. {وَزَنُوهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. وانظر شرح الجملتين. {يُخْسِرُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والمفعول محذوف يدل عليه المقام، والجملة الفعلية جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على ما قبله، فهو من جملة الصلة.

{أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (٦)}

الشرح: {أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ:} ألا يعلم، ويوقن، ويستيقن. {أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ:} من قبورهم للحساب والجزاء. {لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} يعني: يوم القيامة، ففيه إنكار، وتعجيب عظيم من حالهم في الاجتراء على التطفيف، كأنهم لا يخطر ببالهم، ولا يخمنون تخمينا: أنهم مبعوثون، ومحاسبون على أعمالهم. ولو اعتقدوا: أنهم مبعوثون ومحاسبون، ما نقصوا في الكيل والميزان.

وعن عبد الملك بن مروان: أن أعرابيا قال له: سمعت ما قال الله في المطففين؟! أراد بذلك: أن المطفف قد توجه عليه هذا الوعيد العظيم؛ الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك، وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل، ولا وزن؟! {يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ:} يقوم الناس من قبورهم للحساب، والجزاء، ويقفون بين يدي رب العالمين؛ ليحاسبهم على أعمالهم؛ التي عملوها في الدنيا. وهذا اليوم ذكرت أهواله في سورة (التكوير). وانظر طوله، وما قيل فيه في أول سورة (المعارج) وفي سورة (السجدة) وخذ ما يلي هنا:

قال أبو هريرة-رضي الله عنه-: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لبشير الغفاري-رضي الله عنه-: «كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلاثمئة سنة لربّ العالمين، لا يأتيهم فيه خبر، ولا يؤمر فيه بأمر». قال بشير: المستعان الله! وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنه ليخفّف عن المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة المكتوبة يصلّيها في الدنيا». هذا؛ وقد قال الله تعالى في سورة (يونس) وقوله الحق: {أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ثم وصفهم بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ} جعلنا الله منهم بفضله، وكرمه، ومنّه آمين.

تنبيه: القيام لله رب العالمين سبحانه شيء حقير بالإضافة إلى عظمته، وحقه، فأما قيام الناس بعضهم لبعض، فاختلف فيه الناس، فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه، وقد روي: أن

<<  <  ج: ص:  >  >>