للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرط غير ظرفي، والجملة الاسمية: {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} في محل نصب حال من الفاعل أو من المفعول به، والرابط: الواو فقط، وهي خالية من الضمير الذي يربطها بصاحبها، وهي لا تنحل إلى مفرد، ولا تبين هيئة فاعل، ولا مفعول، ولا هي حال مؤكدة، وأوّل الزمخشري مثلها في سورة (لقمان) بظرف، التقدير: قالوا: لئن أكله الذئب في الوقت الذي نحن فيه عصبة، وقال صدر الأفاضل تلميذ الزمخشري: إنما الجملة مفعول معه، وأثبت مجيء المفعول معه جملة، وانظر الشاهد رقم (٨٤٥) من كتابنا: «فتح القريب المجيب». {إِنّا}: حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، وحذفت نونها، للتخفيف، وبقيت الألف دليلا عليها. {إِذاً}: حرف جواب وجزاء مهمل لا عمل له. {لَخاسِرُونَ}: خبر (إن)، واللام هي المزحلقة، والجملة الاسمية:

{إِنّا..}. إلخ جواب القسم المقدر لا محل لها، وجواب الشرط محذوف على القاعدة: «إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق منهما) قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته: [الرجز]

واحذف لدى اجتماع شرط وقسم... جواب ما أخّرت فهو ملتزم

بعد هذا فالكلام كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥)}

الشرح: {فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ} أي: أخذوا يوسف معهم إلى البرية بعد أن سمح لهم أبوه بأخذه. {وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ} أي: عزموا على إلقائه في قعر الجب، وأسفله.

{وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ} أي: نزل جبريل الأمين بأمرنا إليه، فطمأنه، وسكن روعه، وكان مراهقا، فأوحي إليه في صغره، كما أوحي إلى يحيى، وعيسى، عليهما السّلام. يروى أنهم جردوه من ثيابه، فأتاه جبريل وأخرج القميص الذي كان قد أتى به إلى إبراهيم حين ألقي في النار، وجرد من ثيابه فألبسه إياه، فدفعه إبراهيم إلى إسحاق، وإسحاق دفعه إلى يعقوب، فجعله في تميمة، وعلقها بيوسف، فأخرجه جبريل عليه السّلام، وألبسه إياه، وهذا القميص كان من نسج الجنة، فلا يقع على مبتلى، ولا سقيم إلا عوفي في الوقت حالا، وهذا القميص هو الذي أرسله إلى أبيه، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى في الآية رقم [٩٣] الآتية. هذا؛ وقيل: إن الوحي كان وحي إلهام، كقوله تعالى: {وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} والأول أظهر. {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا}:

لتخبرنهم بفعلهم هذا. {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}: أنك يوسف، لعلو شأنك، وبعده عن أوهامهم، وطول العهد المغير للحلى، والهيئات، وذلك إشارة إلى ما قاله لهم بمصر حين دخلوا عليه ممتارين، بشره جبريل بما يؤول إليه أمره، إيناسا له، وتطييبا لقلبه، وقيل: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} متصل ب‍ {وَأَوْحَيْنا،} أي: آنسناه بالوحي، وهم لا يعلمون ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>