للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد هذا، يقال: جمع الأمر: إذا عزم عليه، والأمر مجمع، ويقال أيضا: اجمع أمرك، ولا تدعه منتشرا، هذا؛ وقد قال تعالى حكاية عن قول فرعون وأشياعه: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا،} ولا يقال: أجمع أعوانه وشركاءه، وإنما يقال: جمع أعوانه وشركاءه، وهذا مبني على قاعدة، يقال: (أجمع في المعاني، وجمع في الأعيان) هذا هو الأكثر والمستعمل، وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر على التعارض، قال تعالى: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى}. {غَيابَتِ الْجُبِّ}:

انظر الآية رقم [١٠]. {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ}: انظر النبأ في الآية رقم [١٢٠] من سورة (هود)، وانظر (الوحي) في الآية رقم [٣٦] من سورة (هود) أيضا.

تنبيه: روي أن إخوة يوسف قالوا له: أما تشتاق أن تخرج معنا إلى مواشينا، فنصيد، ونستبق؟! قال: بلى، قالوا له: نسأل أباك أن يرسلك معنا. قال: افعلوا، فدخلوا عليه بجماعتهم، فقالوا: يا أبانا إن يوسف قد أحب أن يخرج معنا إلى مواشينا، فقال يعقوب: ما تقول يا بني؟! قال: نعم يا أبت إني أرى من إخوتي اللين، واللطف، فأحب أن تأذن لي، وكان يعقوب يكره مفارقته، ويحب مرضاته، فأذن له، وأرسله معهم، فلما خرجوا به من عند يعقوب؛ جعلوا يحملونه على رقابهم، ويعقوب ينظر إليهم، فلما بعدوا عنه، وصاروا إلى الصحراء ألقوه على الأرض، وأظهروا له ما في أنفسهم من العداوة، وأغلظوا له القول، وجعلوا يضربونه، فجعل كلما جاء إلى واحد منهم، واستغاث به ضربه، فلما فطن لما عزموا عليه؛ جعل ينادي:

يا أبتاه! لو رأيت يوسف، وما نزل به من إخوته لأحزنك ذلك، وأبكاك! يا أبتاه ما أسرع ما نسوا عهدك، وضيعوا وصيتك! وجعل يبكي بكاء شديدا، فأخذه روبيل، وجلد به الأرض، ثم جثم على صدره، وأراد قتله، فقال له: يا أخي مهلا لا تقتلني، فقال: يا ابن راحيل أنت صاحب الأحلام، قل لرؤياك تخلصك من أيدينا، ولوى عنقه، فاستغاث بيهوذا، وقال له:

اتق الله فيّ، وحل بيني وبين من يريد قتلي، فأدركته رحمة الأخوة، ورق له، وقال: يا إخوتي! ما على هذا عاهدتموني، فلما أرادوا إلقاءه في الجب، تعلق بثيابهم، فنزعوها من يديه، فتعلق بحائط الجب، فربطوا يديه، ونزعوا قميصه، فقال يا إخوتاه! ردوا علي قميصي أتوارى به، وإنما نزعوه ليلطخوه بالدم، ويحتالوا به على أبيهم، فقالوا له: ادع الشمس والقمر، والأحد عشر كوكبا تؤنسك، ودلوه في البئر، فلما بلغ نصفها ألقوه ليموت، وكان في الجب ماء فسقط فيه، ثم آوى إلى صخرة، فقام عليها، وهو يبكي، فنادوه، فظن أنها رحمة أدركتهم، فأجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فمنعهم يهوذا، وكان يأتيه بالطعام كل يوم، وقال الحسن: لما ألقي يوسف في الجب عذب ماؤه فكان يكفيه الطعام والشراب، ودخل عليه جبريل عليه السّلام، وألبسه القميص كما رأيت سابقا، فأنس به، فلما أمسى نهض جبريل ليذهب، فقال له: إنك إذا تركتني؛ استوحشت، فقال له: إذا رهبت شيئا فقل:

<<  <  ج: ص:  >  >>