فليتوقعوا مثل ذلك؛ إن عادوا والأول أولى؛ وعليه، فالجملة الفعلية {فَقَدْ خانُوا..}. إلخ تعليل للجواب المحذوف. {فَأَمْكَنَ}: ماض، وفاعله يعود إلى {اللهَ}. {مِنْهُمْ}: متعلقان به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}: انظر مثلها في الآية السابقة إعرابا ومحلا. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ: المراد بهم المؤمنون السابقون من أهل مكة الذين آمنوا بالله ورسوله، ثم تركوا أوطانهم وأموالهم، وهاجروا إلى المدينة المنورة، ثم بذلوا أموالهم وأرواحهم في سبيل إعلاء كلمة الله، ونصرة نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ولا أتكلم عن الهجرة والجهاد في سبيل الله بأكثر مما ذكرته في الآية رقم [٨٩] النساء و [٩٦] منها، ففيهما الكفاية. {آمَنُوا}: انظر الآية رقم [٢] الأعراف ورقم [٣]. {بِأَمْوالِهِمْ}: انظر الآية رقم [٢٨]. {وَأَنْفُسِهِمْ}: انظر الآية رقم [٩] الأعراف. {سَبِيلِ اللهِ}: دين الله الذي ارتضاه لنفسه ولأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم وانظر الآية رقم [٤٥] الأعراف، {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا}: المراد بهم الأنصار أهل المدينة الذين آووا النبي صلّى الله عليه وسلّم والمهاجرين الذين أتوهم من أهل مكة، فأسكنوهم منازلهم، وبذلوا لهم أموالهم وآثروهم على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة، هذا؛ وإعلال:{آوَوْا} مثل إعلال (أتوا) في الآية رقم [١٣٨](الأعراف). {أُولئِكَ}: إشارة إلى المهاجرين والأنصار معا. {بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} أي: في العون والنصرة دون أقربائهم من الكفار.
وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: في الميراث. انتهى. وتأويله: أن المهاجرين والأنصار كانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة، دون أقربائهم وذوي أرحامهم، وكان من آمن ولم يهاجر لا يرث من قريبه المهاجر حتى كان فتح مكة، وانقطعت الهجرة، فتوارثوا بالأرحام حيثما كانوا، فصار ذلك منسوخا بالآية الأخيرة، وهي رقم [٧٥] وهذا التوارث حصل بعد أن آخى الرسول صلّى الله عليه وسلّم بين المهاجرين والأنصار، حيث جعل مع كل أنصاري مهاجرا، فكان الأنصاري يعطف على المهاجري عطف الأب على ابنه والأخ على أخيه. {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا..}. إلخ:
فقد قطع الله الميراث والتوارث بين المهاجرين، {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا،} انظر الآية رقم [٩٧](النساء) وما بعدها تجد ما يسرك، هذا؛ والولاية هنا بمعنى: الميراث، ويجيء بمعنى النصرة