الشرح:{لا أُقْسِمُ..}. إلخ: اختلف في {لا} على أوجه: أحدها: قيل: إنها صلة، أي:
زائدة، وجاز وقوعها في أول السورة؛ لأن القرآن متصل بعضه ببعض، فهو في حكم كلام واحد، ولهذا قد يذكر الشيء في سورة، ويجيء جوابه في سورة أخرى، كقوله تعالى في سورة (الحجر) رقم [٦]: {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ،} وجوابه: قوله تعالى في سورة (القلم): {ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} ومعنى الكلام: أقسم بيوم القيامة. قاله ابن عباس، وابن جبير، وأبو عبيدة-رضي الله عنهم-. ومثله قول الشاعر:[الطويل]
تذكّرت ليلى فاعترتني صبابة... فكاد صميم القلب لا يتقطّع
أراد: فكان صميم القلب يتقطع. وحكى أبو الليث السمرقندي: أجمع المفسرون: أن المعنى: أقسم، وقال الخازن: وفيه ضعف؛ لأن القرآن في حكم السورة الواحدة في عدم التناقض، لا أن تقرن سورة بما بعدها، فذلك غير جائز. انتهى. وهو الحق الذي لا محيص عنه. وقال بعضهم:{لا} رد لكلامهم؛ حيث أنكروا الحشر، والنشر. فقال: ليس الأمر كما تزعمون، وهذا قول الفراء، فقد قال: وكثير من النحويين يقولون (لا) صلة، ولا يجوز أن يبدأ بجحد (نفي) ثم يجعل صلة؛ لأن هذا لو كان كذلك؛ لم يعرف خبر فيه جحد من خبر لا جحد فيه (لا نفي فيه) ولكن القرآن جاء بالرد على الذين أنكروا البعث، والجنة، والنار، فجاء الإقسام بالرد عليهم، وإدخال (لا) النافية على فعل القسم مستفيض في كلام العرب، وأشعارهم. قال امرؤ القيس-وهو الشاهد رقم [٤٥٦] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [المتقارب]
فلا وأبيك ابنة العامريّ... لا يدّعي القوم أنّي أفر
وأيضا قول المتنخل الهذلي-وهو الشاهد رقم [١٠٨٦] من كتابنا المذكور-: [الوافر]