للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا والله نادى الحيّ قومي... هدوّا بالمساءة والعلاط

قالوا: وفائدتها: تأكيد القسم في الرد كقولك: لا والله ما ذاك! تريد والله! فيجوز حذفها، لكنه أبلغ في الرد مع إثباتها. هذا؛ وقيل: اللام لام الابتداء، فأشبعت بالمد. فتولدت الألف، ويؤيده قراءة ابن كثير: «(لأقسم)» بغير ألف المد، ويعبر عن قراءة ابن كثير بالقصر، وعلى هذه القراءة فاللام لام الابتداء، وجملة: (أقسم بيوم القيامة) في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: لأنا أقسم بيوم القيامة، ولو أريد به الاستقبال؛ للزمت النون، وقد جاء حذف النون مع الفعل الذي يراد به الاستقبال، وهو شاذ، وعن قراءة الباقين بالمد، ولا خلاف في قوله تعالى:

{وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ} في المد؛ لأنه يختل المعنى بالقصر. وانظر ما ذكرته عن ابن هشام في الآية رقم [٧٥] من سورة (الواقعة)، وفي سورة (الحاقة) رقم [٣٨].

هذا؛ و {أُقْسِمُ} في هذه الآية وغيرها بمعنى: أحلف، وأصله من: القسامة، وهي الأيمان تقسم على الأولياء في دم القتيل الملوث به شخص، وسمي الحلف قسما؛ لأنه يكون عند انقسام الناس إلى مصدق، ومكذب. وماضيه رباعي، فهمزته تثبت في الماضي، والأمر، وهي همزة قطع، وتحذف في المضارع مع ضم حرف المضارعة، كما رأيته في الآية رقم [٥٥] من سورة (الروم) والحمد لله. هذا؛ وأما قسم الثلاثي، فإنه بمعنى: جزأ، وفرق. قال تعالى في سورة (الزخرف) رقم [٣٢]: {نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} ومضارعه بفتح حرف المضارعة، وهمزته في الأمر همزة وصل، وهو متعدّ إذا كان ثلاثيا من القسمة كما في آية (الزخرف)، ولازم إذا كان رباعيا بمعنى الحلف كما في هذه السورة، وغيرها، لكنه يتعدى بحرف الجر.

وأخيرا: فالقسم بيوم القيامة، وأشباهه برب هذه الأشياء على الحقيقة، فكأنه قال: برب القيامة... إلخ. وقيل: لله تعالى أن يقسم بما شاء من خلقه، ووجه المناسبة بالجمع بين (يوم القيامة) و (النفس اللوامة) بالقسم أن في يوم القيامة تظهر أحوال النفوس اللوامة من الشقاوة، أو السعادة، فلهذا حسن الجمع بينهما في القسم. وقيل: إنما وقع القسم بالنفس اللوامة، على معنى التعظيم لها، من حيث أنها أبدا تستحق فعلها، واجتهادها في طاعة الله تعالى. وقيل: إنه أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة، فكأنه قال: أقسم بيوم القيامة تعظيما لها، ولا أقسم بالنفس اللوامة تحقيرا لها؛ لأن النفس الكافرة، أو الفاجرة، لا يقسم بها. انتهى. خازن بتصرف.

أما يوم القيامة؛ فهو اليوم الذي يقوم فيه الناس من قبورهم للحساب، والجزاء، وأصل القيامة: القوامة؛ لأنها من: قام يقوم، قلبت الواو ياء لمناسبة الكسرة. هذا؛ وروى البغوي في تفسير القيامة عن المغيرة بن شعبة. قال: يقولون: القيامة، وقيامة أحدهم موته، وشهد علقمة جنازة، فلما دفنت؛ قال: أما هذا فقد قامت قيامته. وفيه ضعف لاتفاق المفسرين على أن المراد

<<  <  ج: ص:  >  >>