للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطاب لا محل له. {مُبَرَّؤُنَ:} خبره مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{مِمّا:} متعلقان ب‍: {مُبَرَّؤُنَ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍: (من)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير: مبرؤون من الذي، أو من شيء يقولونه، وعلى اعتبار (ما) مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر ب‍: (من) أي: مبرؤون من قولهم.

{لَهُمْ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَغْفِرَةٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية مستأنفة، أو هي في محل رفع خبر ثان للمبتدأ. {وَرِزْقٌ:} معطوف على ما قبله. {كَرِيمٌ:} صفة له.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧)}

الشرح: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا} أي: تستأذنوا.

والاستئناس في الأصل: الاستعلام، والاستكشاف، استفعال من: أنس الشيء: إذا أبصره ظاهرا مكشوفا، أي: حتى تستعلموا: أيؤذن لكم في الدخول أم لا؟ فإذا هو من باب الكناية عن الاستئذان، أو هو من باب الإرداف؛ أي: ترادف اللفظين. {وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها} أي: تقولوا:

السّلام عليكم. ولقد اختلف في أيهما يقدم: الاستئذان، أم السّلام، فقيل: يقدم الاستئذان، فيقول: أأدخل؟ سلام عليكم، كما في الآية من تقديم الاستئذان قبل السّلام. وقال الأكثرون:

يقدم السّلام، فيقول: سلام عليكم، أأدخل؟ وتقدير الآية حتى تسلموا على أهلها، وتستأذنوا.

ولكل فريق دليله.

{ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ} أي: الاستئذان، والتسليم خير لكم من أن تدخلوا بغتة. أو ما ذكر خير لكم من تحية الجاهلية. كان الرجل منهم إذا دخل بيتا غير بيته؛ قال: حييتم صباحا. أو حييتم مساء، ودخل، فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف واحد! هذا؛ والترجي إنما هو بحسب عقول البشر؛ لأن الله لا يحصل منه ترج لعباده.

هذا؛ وإن سبب نزول هذه الآية ما رواه الطبري، وغيره عن عدي بن ثابت-رضي الله عنه- أن امرأة من الأنصار قالت: يا رسول الله! إني أكون في بيتي على حال، لا أحبّ أن يراني عليها أحد، لا والد، ولا ولد، فيأتي الأب فيدخل عليّ، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجال من أهلي؛ وأنا على تلك الحال، فكيف أصنع؟ فنزلت الآية، فقال أبو بكر-رضي الله عنه-:

يا رسول الله! أفرأيت الخانات، والمساكن في طرق الشام، ليس فيها ساكن؟ فأنزل الله تعالى:

{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>