للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مجاهد، وابن جبير، وعطاء، وأكثر المفسرين: المعنى: الكلمات الخبيثات من القول للخبيثين من الرجال، وكذا الخبيثون من الناس للخبيثات من القول، وكذا الكلمات الطيبات من القول للطيبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من القول. قال النحاس في كتاب معاني القرآن: وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية. انتهى. قرطبي. وعليه فالكلام الخبيث صدر من الرجل الخبيث، وهو عبد الله بن أبيّ، وأضرابه من المنافقين، والطيبون من الرجال، والطيبات من النساء لم يتكلموا في حق عائشة إلا بالقول الطيب، وهو تبرئتها مما رماها به الخبيثون، والخبيثات. وعليه في الكلام استعارة تصريحية.

{أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ:} الإشارة إلى عائشة، وصفوان-رضي الله عنهما-وذكرهما الله بلفظ الجمع للتعظيم، والتكريم، أي: منزهون مما يقوله الخبيثون، والخبيثات في حقهما. {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أي: لذنوبهم. {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أي: في الجنة. وانظر الآية رقم [٥٠] من سورة (الحج) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

هذا؛ وروي عن علي بن زيد بن جدعان، عن جدته، عن عائشة-رضي الله عنها-أنها قالت: لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهنّ امرأة: لقد نزل جبريل عليه السّلام بصورتي في راحته حين أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يتزوجني، ولقد تزوجني بكرا، وما تزوج بكرا غيري، ولقد توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإن رأسه لفي حجري، ولقد قبر في بيتي، ولقد حفّت الملائكة بيتي، وإن كان الوحي لينزل عليه؛ وهو في أهله، فينصرفون عنه، وإن كان لينزل عليه؛ وأنا معه في لحافه، فما يبينني عن جسده، وإني لابنة خليفته، وصدّيقه، ولقد نزل عذري من السماء، ولقد خلقت طيبة وعند طيب، ولقد وعدت مغفرة ورزقا كريما، تعني قوله تعالى: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} انتهى. قرطبي. وكان مسروق رحمه الله تعالى إذا حدث عن عائشة-رضي الله عنها-يقول:

حدثتني الصّدّيقة بنت الصّدّيق، حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، المبرّأة من السماء.

هذا؛ وانظر ما وصفها به حسان-رضي الله عنه-في أبياته التي ذكرتها في الآية رقم [١٣].

وروي: أن ابن عباس-رضي الله عنهما-دخل على عائشة-رضي الله عنها-في مرضها، وهي خائفة من القدوم على الله تعالى، فقال: لا تخافي! لأنك لا تقدمين إلا على مغفرة، ورزق كريم، وتلا الآية، فغشي عليها فرحا بما تلا.

الإعراب: {الْخَبِيثاتُ:} مبتدأ. {لِلْخَبِيثِينَ:} متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {وَالْخَبِيثُونَ:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {لِلْخَبِيثاتِ:} متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها، وما بعدها معطوفتان أيضا عليها، لا محل لهما مثلها. {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف

<<  <  ج: ص:  >  >>