الشرح:{وَالْفَجْرِ..}. إلخ: أقسم الله عزّ وجلّ بالفجر وما بعده لشرف هذه الأشياء، وما فيها من الفوائد الدينية، وهي أنها دلائل باهرة، وبراهين قاطعة على التوحيد، وفيها من الفوائد الدنيوية: أنها تبعث على الشكر. وانظر ما ذكرته بشأن هذا القسم في أول سورة (المرسلات) و (الذاريات) تجد ما يسرك.
واختلفوا في معاني هذه الألفاظ، فروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-أنه قال:
(الفجر) هو انفجار الصبح في كل يوم، أقسم الله تعالى به لما يحصل فيه من انقضاء الليل، وظهور الضوء، وانتشار الناس، وسائر الحيوانات في طلب الأرزاق، وذلك يشبه نشر الموتى من قبورهم للبعث والحساب، والجزاء. قال تعالى في سورة (التكوير) رقم [١٨]: {وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ}. وعن ابن عباس أيضا: أنه صلاة الفجر، والمعنى: أنه أقسم بصلاة الفجر؛ لأنها مفتتح النهار، ولأنها مشهودة، يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار. قال تعالى:{إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً} سورة (الإسراء) رقم [٧٨]. وقيل: إنه فجر معين، واختلفوا فيه، فقيل: هو فجر أول يوم من المحرّم؛ لأنه منه تنفجر السنة. وقيل: هو فجر ذي الحجة؛ لأنه قرن به الليالي العشر.
وقيل: هو فجر يوم النحر؛ لأن فيه أكثر مناسك الحج، وفيه القربات المتنوعة.
{وَلَيالٍ عَشْرٍ:} قيل: إنما نكرها لما فيها من الفضل، والشرف؛ الذي لا يحصل في غيرها.
واختلف فيها، فقد روي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أنها العشر الأول من ذي الحجة؛ لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج. وأخرج الترمذي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من أيّام العمل فيهنّ أحبّ إلى الله من عشر ذي الحجة». قالوا: ولا الجهاد يا رسول الله؟ قال:«ولا الجهاد في سبيل الله؛ إلا رجل خرج بنفسه، وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء». ورواه البخاري أيضا عن ابن عباس مرفوعا. وروي عن ابن عباس أيضا؛