{كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٥٩)}
الشرح أي: يطبع الله على قلوب الكافرين طبعا مثل ذلك الطبع الذي يطبعه الله على قلوب الجاهلين. ومعنى طبع الله: منع الألطاف؛ التي تنشرح لها الصدور؛ حتى تقبل الحق، وإنما يمنعها الله من علم: أنها لا تجدي عليه، ولا تغني فتيلا، كما يمنع الواعظ الموعظة من يتبين له: أن الموعظة تلغو، ولا تنجع فيه، فوقع ذلك كناية عن قسوة قلوبهم، وركوب الصدأ، والرين عليها، فكأنه قال: كذلك تقسو، وتصدأ قلوب الجهلة؛ حتى يسموا المحقين مبطلين، وهم أعرف خلق الله في تلك الصفة. انتهى. كشاف.
{الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} أي: لا يطلبون العلم، ويصرون على خرافات اعتقدوها، فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق، ويوجب تكذيب المحق. انتهى. بيضاوي.
هذا؛ ومعنى {طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ:} ختم عليها؛ إذ الطبع في الأصل الختم، وهو التأثير في الطين، ونحوه، فاستعير هنا لعدم فهم القلوب ما يلقى عليها، وإذا طبع على قلب الإنسان؛ فلا تؤثر فيه حينئذ الموعظة، ولا تجدي معه النصيحة، قال تعالى في كثير من الآيات:{فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ}. والطبع: السجية، والخلق الذي طبع عليه الإنسان، والطبيعة مثله، وجمع الأول: طباع، وجمع الثاني: طبائع.
هذا؛ والطبع: تدنس العرض، وتلطخه. يقال: طبع السيف: إذا دخله الجرب من شدة الصدأ، وطبع الرجل فهو طبع: إذا أتى عيبا، يقال: نعوذ بالله من طمع يدني إلى طبع، أي: إلى دنس، قال ثابت بن قطنة:[البسيط] لا خير في طمع يدني إلى طبع... وغفّة من قوام العيش تكفيني
الإعراب:{كَذلِكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف عامله ما بعده، انظر تقدير الكلام في الشرح، وانظر الآية رقم [٥٦]. {يَطْبَعُ:} فعل مضارع. {اللهُ:}
فاعله. {عَلى قُلُوبِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و {قُلُوبِ} مضاف، و {الَّذِينَ} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. {لا:} نافية. {يَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الفعلية:{كَذلِكَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.
الشرح:{فَاصْبِرْ:} على أذاهم، وعداوتهم. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {وَعْدَ اللهِ:} بنصرك على أعدائك، وإظهار دينك على الدين كله. {حَقٌّ:} ثابت، ومحقق، لا بد من تنفيذه،