للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، ولا يجد إليه سبيلا من جهة من الجهات؛ حتى يصل إليه. وقيل: لا يأتيه الباطل عما أخبر فيما تقدم من الزمان، ولا فيما تأخر. وقال السدي، وقتادة: الباطل: الشيطان، لا يستطيع أن يغير فيه، ولا يزيد، ولا ينقص منه. {تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ:} في أقواله، وأفعاله. {حَمِيدٍ:} بمعنى:

محمود؛ أي: في جميع ما يأمر به، وينهى عنه. أو: يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه.

قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: أما طعن فيه الطاعنون، وتأوله المبطلون؟ قلت: بلى، ولكن الله قد تقدم في حمايته عن تعلق الباطل به، بأن قيض قوما عارضوهم بإبطال تأويلهم، وإفساد أقاويلهم، فلم يخلّوا طعن طاعن إلا ممحوقا، ولا قول مبطل إلا مضمحلا.

ونحوه قوله تعالى في سورة (الحجر): {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} ولا يبعد أن يريد بكلامه هذا مذهبه الاعتزالي، وما قاله بشأن القرآن هو، ومن على شاكلته. ومبحث ذلك في كتب علم الكلام، والعقيدة.

الإعراب: {لا:} نافية. {يَأْتِيهِ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والهاء مفعول به. {الْباطِلُ:} فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من (كتاب) بعد وصفه بما تقدم، أو هي في محل رفع صفة ثانية ل‍: (كتاب). وقيل: في محل رفع خبر {إِنَّ}. {مِنْ بَيْنِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، و {بَيْنِ} مضاف، و {يَدَيْهِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء لأن لفظه مثنى، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَلا:} الواو:

حرف عطف. (لا): نافية. وقيل: صلة للتوكيد. {مِنْ خَلْفِهِ:} معطوفان على ما قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة. {تَنْزِيلٌ:} خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: هو تنزيل. والجملة الاسمية هذه مستأنفة، لا محل لها. {مِنْ حَكِيمٍ:} جار ومجرور متعلقان ب‍: {تَنْزِيلٌ؛} لأنه مصدر، أو بمحذوف صفة له.

{ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (٤٣)}

الشرح: {ما يُقالُ لَكَ} أي: ما يقول لك كفار قومك من الأذى، والتكذيب. {إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} أي: إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم، أو ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم، وأمرهم به من التوحيد، والإخلاص له؛ لأنه لا خلاف بين الشرائع فيما يتعلق بالتوحيد، وإخلاص العبادة له، فهو كقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} رقم [٦٥] من سورة (الزمر). {إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ:} ورحمة لمن تاب، وأناب، وآمن به. {وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ} أي: لمن أصر على التكذيب، ومعاداتك يا محمد. ويكون كقوله تعالى في سورة (الرعد) رقم [٦]: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ}.

هذا؛ وقيل: إن قوله: {ما يُقالُ لَكَ..}. إلخ استفهام؛ أي: أي: شيء يقال لك؟ والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>