والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد، و «إن» الشرطية، ومدخولها كلام مفرع عما قبله، فهو من جملة النداء لها. تأمل. {فَلَنْ:} الفاء: حرف عطف. (لن): حرف نفي ونصب واستقبال. {أُكَلِّمَ:} مضارع منصوب ب: (لن)، والفاعل مستتر تقديره:«أنا». {الْيَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بالفعل قبله. {إِنْسِيًّا:} مفعول به، وجملة:{فَلَنْ أُكَلِّمَ..}. إلخ معطوفة على الجملة الشرطية، فمحلها مثلها. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{فَأَتَتْ بِهِ} أي: بعيسى عليه السّلام، روي: أن مريم لما اطمأنت بما رأت من الآيات، وعلمت: أن الله تعالى سيبين عذرها؛ أتت به تحمله من المكان القصي الذي كانت قد انتبذت فيه. قال ابن عباس: خرجت من عندهم حين أشرقت الشمس، فجاءتهم عند الظهر، ومعها صبي تحمله، فكان الحمل والولادة في ثلاث ساعات من النهار. وقال الكلبي: ولدت حيث لم يشعر بها قومها، ومكثت أربعين يوما للنفاس، ثم أتت به قومها تحمله، فلما رأوها ومعها الصبي؛ حزنوا، وكانوا قوما صالحين. انظر ما ذكرته في الآية رقم [٢١] من الاختلاف في مدة الحمل، ويروى: أن عيسى كلمها في الطريق، فقال: يا أماه لا تحزني، وأبشري فإني عبد الله، ومسيحه.
{قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا:} عظيما، منكرا. هذا؛ و (الفري): العظيم من الأمر، ومنه قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في وصف عمر-رضي الله عنه-من حديث الرؤيا التي رآها في منامه:«فلم أر عبقريّا يفري فريه». هذا؛ و (الفري): قطع الجلد للخرز، والإصلاح، والإفراء: إفساده.
هذا؛ وقال السدي، ووهب بن منبه: لما أتت به قومها تحمله تسامع بذلك بنو إسرائيل، فاجتمع رجالهم ونساؤهم، فمدت امرأة يدها إليها لتضربها، فأجف الله شطرها. وقال رجل: ما أراها إلا زنت، فأخرسه الله تعالى، فتحامى الناس من أن يضربوها، أو يقولوا لها كلمة تؤذيها، وجعلوا يخفضون إليها القول ويلينون، فقالوا:{يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا}. انتهى. قرطبي، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{فَأَتَتْ:} الفاء: حرف استئناف. (أتت): ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث الساكنة التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره:«هي» يعود إلى مريم. {بِهِ:} متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر. {قَوْمَها:}
مفعول به، و (ها): في محل جر بالإضافة، {تَحْمِلُهُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى مريم، والهاء مفعول به، والجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل (أتت)، فهي حال متكررة، أو من الضمير المجرور بالباء، فهي حال متداخلة، وجملة:(أتت...) إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{قالُوا:} ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة، والواو فاعله، والألف للتفريق، هذا هو