الشرح:{يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ:} الفاعل يعود إلى {الرَّحْمنُ،} والضمير المجموع يعود إلى الذين نسبهم الكفار أولادا لله تعالى، وقال عنهم: إنهم عباد مكرمون، والمعنى: يعلم الرحمن ما عمل أولئك العباد، وما هم عاملون. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يعلم ما بين أيديهم من أمور الآخرة، وما خلفهم من أمور الدنيا، وقيل: يعلم ما كان قبل خلقهم، وما يكون بعد خلقهم، وانظر الآية رقم [١١٠] من سورة (طه)، والآية رقم [٦٤] من سورة (مريم) عليهاالسّلام.
{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى} أي: لا يطلبون الشفاعة إلا للمؤمنين العابدين، وقال مجاهد: هم كل من رضي الله عنه، والملائكة يشفعون غدا في الآخرة كما في صحيح مسلم، وغيره، وفي الدنيا أيضا، فإنهم يستغفرون للمؤمنين، ولمن في الأرض. انتهى. قرطبي. أقول:
وأكبر دليل على ذلك آية (غافر) رقم [٧]: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا..}. إلخ {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ:} من خوفه. {مُشْفِقُونَ:} خائفون، وجلون لا يأمنون مكره، هذا؛ وأصل الخشية: خوف مع تعظيم، ولذلك خص بها العلماء، والإشفاق: خوف مع اعتناء، فإن عدّي ب:«من» فمعنى الخوف فيه أظهر، وإن عدّي ب:«على» فبالعكس انتهى. بيضاوي. وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«أنّه رأى جبريل عليه السّلام ليلة المعراج ساقطا كالحلس من خشية الله» انتهى. كشاف. وانظر الآية رقم [٥٨] من سورة (المؤمنون).
الإعراب:{يَعْلَمُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى {الرَّحْمنُ}. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {بَيْنَ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول، و {بَيْنَ} مضاف، و {أَيْدِيهِمْ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الياء للثقل، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَما:} معطوفة على ما قبلها. {خَلْفَهُمْ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة (ما)، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة:{يَعْلَمُ..}. إلخ في محل نصب حال من الضمير المنصوب، أو المجرور بالإضافة، والرابط: الضمير فقط، أو: الجملة مستأنفة لا محل لها. {وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): نافية. {يَشْفَعُونَ:} مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، أو هي مستأنفة لا محل لها. {إِلاّ} حرف حصر.
{لِمَنِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و (من) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر باللام. {اِرْتَضى:} ماض، والفاعل يعود إلى (الله)، والجملة الفعلية صلة (من) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: إلا للذي، أو لشخص ارتضاه الله. {وَهُمْ:}
الواو: واو الحال. (هم): مبتدأ. {مِنْ خَشْيَتِهِ:} متعلقان بما بعدهما، والهاء في محل جر