الشرح:{كَلاّ:} انظر الآية رقم [١٦] من سورة (المدثر). {لا وَزَرَ} أي: لا ملجأ من النار يتحصن به من استحق دخولها من الكافرين، والظالمين، والفاسقين، والفاجرين. وهذه الآية كقوله تعالى في سورة (الشورى) رقم [٤٧]: {ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}.
هذا؛ والوزر في اللغة: ما يلجأ إليه من حصن، أو جبل، أو غيرهما. قال الشاعر:[المتقارب]
لعمري ما للفتى من وزر... من الموت يدركه والكبر
قال السدي: كانوا في الدنيا إذا فزعوا؛ تحصنوا في الجبال، فقال الله لهم: لا وزر يعصمكم يومئذ مني. قال طرفة:[الرمل]
ولقد تعلم بكر أنّنا... فاضلو الرّأي وفي الرّوع وزر
وقال الخازن: وأصل الوزر: الجبل المنيع. وكل ما التجأت إليه، وتحصنت به فهو وزر، ومنه قول كعب بن مالك:[البسيط]
الناس آلت علينا فيك ليس لنا... إلاّ السّيوف وأطراف القنا وزر
هذا؛ و {وَزَرَ} مصدر، وهو بفتح الواو، والزاي، ويأتي المصدر أيضا بفتح الواو، وكسرها مع سكون الزاي، لكنه بمعنى: الإثم، والثقل. قال تعالى في سورة (فاطر) رقم [١٨]: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى،} ومن المعنيين يؤخذ اسم وزير السلطان، فإنه يحمل ثقل دولته، ويلجأ إليه السلطان في المهمات، فيستشيره بذلك. {إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ:} يوم يبرق البصر، ويخسف القمر، ويجمع الشمس، والقمر. {الْمُسْتَقَرُّ:} المرجع، والمصير، وهو كقوله تعالى في سورة (النجم) رقم [٤٢]: {وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى}. قال الصابوني: والمقصود من الآيات: بيان أهوال الآخرة، فالأبصار تنبهر يوم القيامة، وتخشع، وتحار من شدة الأهوال، ومن عظم ما تشاهده من الأمور العظيمة، والإنسان يطيش عقله، ويذهب رشده، ويبحث عن النجاة، والمخلص، ولكن هيهات! فقد جاءت القيامة، وانتهت الحياة. انتهى.
{يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ} أي: يخبر الإنسان في ذلك اليوم بجميع أعماله، صغيرها، وكبيرها، وعظيمها، وحقيرها، ما قدمه منها في حياته، وما أخره بعد مماته، من سنة حسنة، أو سيئة، وسنّها في حياته، سواء كان برا، أو فاجرا، صالحا، أو طالحا. ونحو الآية قوله تعالى في سورة (المجادلة) رقم [٦]: {يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ}.
وخذ ما يلي: ومعنى الآية الكريمة ما تقدم، وهو جيد، وخذ قول أبي العتاهية الصوفي-رحمه الله تعالى-: [الوافر]