للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عوض عن التنوين في الاسم المفرد. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان ب‍ {مُخْلِصِينَ}. {الدِّينَ:}

مفعوله، ولذا فيه ضمير مستتر هو فاعله.

{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَاُدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اِتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠)}

الشرح: {كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} أي: كما أنشأكم ابتداء من العدم يعيدكم يوم القيامة بعد الفناء، فيجازيكم على أعمالكم. فأخلصوا له العبادة. وإنما شبه الإعادة بالابتداء تقريرا لإمكانها، والقدرة عليها. وقيل: كما بدأكم من التراب تعودون إليه. وقيل: كما بدأكم حفاة، عراة، غرلا تعودون. وقيل: كما بدأكم مؤمنا، وكافرا يعيدكم. انتهى. بيضاوي بتصرف.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: إن الله عز وجل بدأ خلق بني آدم مؤمنا، وكافرا، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} ثم يعيدهم يوم القيامة، كما بدأ خلقهم مؤمنا، وكافرا. وحجة هذا القول قوله في سياق الآية: {فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} فإنه كالتفسير له، ويدل على صحة ذلك ما روي عن جابر-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يبعث كلّ عبد على ما مات عليه». أخرجه مسلم، زاد البغوي في روايته:

«المؤمن على إيمانه، والكافر على كفره». انتهى خازن.

{فَرِيقاً هَدى:} هداهم الله للإيمان به، ومعرفته، ووفقهم لطاعته، وعبادته. {وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} يعني: وخذل فريقا؛ حتى وجبت عليهم الضلالة للسابقة التي سبقت لهم في الأزل بأنهم أشقياء.

وفيه دليل على أن الهدى، والضلالة من الله عز وجل. ولما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله خلق الخلق في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور؛ اهتدى، ومن أخطأه، ضلّ». أخرجه الترمذي.

وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٨٨] (النساء) فإنه جيد. هذا؛ و (الفريق) الطائفة من الناس، والفريق أكثر من الفرقة، وهو اسم جمع، لا واحد له من لفظه، كرهط، وقوم. {الشَّياطِينَ:}

انظر الاستعاذة، والآية رقم [١١٢] (الأنعام). {أَوْلِياءَ:} يتولون أمورهم، ويتلاعبون بهم. وانظر الآية رقم [٢]. {دُونِ:} انظر الآية رقم [٢]. {اللهِ:} انظر الاستعاذة. {وَيَحْسَبُونَ:} ماضيه حسب، فهو من باب تعب في لغة جميع العرب، إلا بني كنانة، فإنهم يكسرون المضارع مع كسر الماضي أيضا على غير قياس، وقد قرئ المضارع بفتح السين وكسرها، والمصدر: الحسبان (بكسر الحاء) وحسبت المال حسبا من باب: قتل، بمعنى: أحصيته عددا. {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} المعنى: أنهم مع ضلالتهم يظنون، ويحسبون: أنهم على هداية، وحق. وفيه دليل على أن الكافر الذي يظن: أنه في دينه على الحق، والجاحد، والمعاند في الكفر سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>