للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {وَكَذَّبُوا:} (الواو): حرف عطف. (كذبوا): ماض مبني على الفتح لاتصاله بواو الجماعة. والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها، وجملة: {وَاتَّبَعُوا..}. إلخ معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {أَهْواءَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {وَكُلُّ:} (الواو): حرف استئناف. (كل): مبتدأ، وهو مضاف، و {أَمْرٍ:} مضاف إليه. {مُسْتَقِرٌّ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة مسوقة لإقناطهم مما علقوا به أمانيهم الفارغة من عدم استقرار أمره صلّى الله عليه وسلّم، حيث قالوا: سحر مستمر ببيان ثباته، ورسوخه.

{وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (٥)}

الشرح: {وَلَقَدْ جاءَهُمْ} أي: جاء أهل مكة في القرآن. {مِنَ الْأَنْباءِ} أي: أخبار الأمم السابقة؛ التي أهلكها بكفرها وسيّئ أعمالها. أو المراد: أخبار الاخرة، وما وصف القرآن من عذاب الكفار، والعصاة. {ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ} أي: ما فيه واعظ، وزاجر عن الكفر، وارتكاب المعاصي، فهو مصدر ميمي، أو اسم مكان. يقال: زجره، وازدجره، فانزجر، وازدجر، وزجرته أنا فانزجر؛ أي: كففته، فكف، كما قال الشاعر: [المتقارب] فأصبح ما يطلب الغانيا... ت مزدجرا عن هواه ازدجارا

{حِكْمَةٌ بالِغَةٌ} أي: القرآن حكمة بالغة عالية، لا خلل فيها، فيه نهاية الصواب والحق والحكمة. {فَما تُغْنِ النُّذُرُ:} إذا كذبوا، وعصوا، وأعرضوا، كما قال تعالى في الاية رقم [١٠١] من سورة (يونس) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ}. و {النُّذُرُ} يجوز أن يكون جمع: نذير بمعنى المنذر، أو المنذر منه، أو هو مصدر بمعنى الإنذار.

هذا؛ وجاء يجيء لازما، ومتعديا، فإن كان بمعنى: حضر، وأقبل فهو لازم مثل قوله تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ} ومثلها كثير، وإن كان بمعنى: بلغ، أو وصل فهو متعد، كما في هذه الاية، ومثلها كثير، أما (النبأ): فهو الخبر وزنا ومعنى، ويقال: النبأ أخص من الخبر؛ لأن النبأ لا يطلق إلا على كل ما له شأن، وخطر من الأنباء، وقال الراغب: النبأ: خبر ذو فائدة، يحصل به علم، أو غلبة ظن، ولا يقال للخبر في الأصل نبأ حتى يتضمن هذه الأشياء الثلاثة، وحقه أن يتعرى عن الكذب، كالمتواتر، وخبر الله تعالى، وخبر الرسول صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ والفعل منه من الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل، وقد يجيء الفعل منه غير مضمن معنى أعلم، فيتعدى لواحد بنفسه، وللاخر بحرف الجر، كما في قوله تعالى: {وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللهُ بِما}

<<  <  ج: ص:  >  >>