والواو فاعله، والألف للتفريق. {لَهُ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو بما بعدهما. {ساجِدِينَ:}
حال من واو الجماعة منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، وجملة: {فَقَعُوا لَهُ..}. إلخ جواب (إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف، وهو من مقول الله تعالى.
تنبيه: هذه الآية دليل قاطع على تعليق. (إذا) بفعل شرطها، ولا يجوز تعليقها بجوابها، لاقترانه بالفاء؛ لأنه لا يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها، وهذا ما اعتمده ابن هشام في «المغني»، ومن أدلته الشعرية قول عبد قيس بن خفاف البرجمي: [الكامل]
استغن ما أغناك ربّك بالغنى... وإذا تصبك خصاصة فتجمّل
وعلى هذا لا يجوز اعتبارها مضافة للجملة بعدها، ولعلك تدرك بعد هذا قولي: «على المشهور المرجوح».
{فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠)}
الشرح: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ} أي: الذين أمروا بالسجود، لآدم عليه السّلام.
{أَجْمَعُونَ:} قال سيبويه: هذا توكيد بعد توكيد، وسئل المبرد عن هذه الآية فقال: لو قال سجد الملائكة لاحتمل أن يكون سجد بعضهم، فلما قال: كلهم لزم إزالة ذلك الاحتمال، فظهر بهذا أنهم سجدوا بأسرهم، ثم عند هذا بقي احتمال آخر، وهو أنهم سجدوا في أوقات متفرقة، أو في دفعة واحدة، فلما قال: أجمعون ظهر: أن الكل سجدوا دفعة واحدة. انتهى. خازن.
الإعراب: {فَسَجَدَ:} الفاء: حرف استئناف، أو هي عاطفة على محذوف، التقدير: فخلقه وسواه، ونفخ فيه من روحه، وقال للملائكة: اسجدوا له، فسجد... إلخ.
والكلام كله مستأنف لا محل له. (سجد): ماض. {الْمَلائِكَةُ:} فاعل. {كُلُّهُمْ:}
توكيد، والهاء في محل جر بالإضافة، {أَجْمَعُونَ:} توكيد ثان للملائكة مرفوع مثله، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم... إلخ، والجملة الفعلية: (سجد...) إلخ مستأنفة، لا محل لها.
{إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السّاجِدِينَ (٣١)}
الشرح: {إِبْلِيسَ:} اسم مأخوذ من: أبلس، يبلس، إبلاسا، بمعنى: سكت غمّا، وأيس من رحمة الله تعالى، وخاب، وخسر، وهو من الملائكة، كذا قال علي، وابن عباس، وابن مسعود-رضي الله عنهم-ولأن الأصل في الاستثناء أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، ولهذا قال تعالى له: {ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} وقوله: {كانَ مِنَ الْجِنِّ} معناه: صار من الجن،