للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعائد الضمير المجرور محلا باللام. {وَقالَ:} الواو: حرف عطف. (قال): فعل ماض، والفاعل يعود إلى {مَنْ}. {صَواباً:} صفة مفعول مطلق محذوف، التقدير: وقال قولا صوابا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اِتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩)}

الشرح: {ذلِكَ:} الإشارة إلى اليوم الذي يقوم فيه الروح والملائكة صفّا. {الْيَوْمُ الْحَقُّ} أي: الكائن الواقع لا محالة، ولا شك، ولا ريب فيه. {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً} أي: فمن شاء أن يسلك إلى ربه مرجعا كريما بالإيمان، والعمل الصالح؛ فليفعل، وهو حثّ، وترغيب في العمل الصالح، والتزوّد من هذه الدنيا الفانية. وفي سورة (الدهر) رقم [٢٩]، وفي سورة (المزمل) رقم [١٩]: {فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً}.

هذا؛ والحق ضد الباطل. قال الراغب: أصل الحق: المطابقة، والموافقة، كمطابقة رجل الباب في حقّه لدورانه على الاستقامة. والحق يقال لموجد الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، ولذلك قيل في الله تعالى: هو الحق. وللموجود بحسب مقتضى الحكمة، ولذلك يقال: فعل الله كله حق، نحو: الموت حق، والحساب حق... إلخ. وللاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، نحو: اعتقاد زيد في الجنة حق. وللفعل، والقول الواقعين بحسب ما يجب، وقدر ما يجب، في الوقت الذي يجب، نحو: قولك حق، وفعلك حق. ويقال: أحققت ذا؛ أي: أثبته حقا، أو حكمت بكونه حقا. انتهى بغدادي.

هذا؛ والرب يطلق، ويراد به المالك، والسيد، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يوسف -على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ،} وقوله أيضا: {أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً..}. إلخ. وقال الأعشى: [الكامل]

ربّي كريم لا يكدّر نعمة... وإذا تنوشد في المهارق أنشدا

كما يقال: رب الدار، ورب الأسرة؛ أي: مالكهما، ومتولي شؤونهما. كما يراد به المربي، والمصلح، يقال: ربّ فلان الضيعة يربّها: إذا أصلحها، والله سبحانه وتعالى مالك العالمين، ومربيهم، وموصلهم إلى كمالهم شيئا، فشيئا بجعل النطفة علقة، ثم بجعل العلقة مضغة، ثم بجعل المضغة عظاما، ثم يكسو العظام لحما، ثم يصوره، ويجعل فيه الروح، ثم يخرجه خلقا آخر؛ وهو صغير ضعيف. فلا يزال ينميه، وينشيه؛ حتى يجعله رجلا، أو امرأة كاملين. هذا؛ ولا يطلق لفظ الرب على غير الله تعالى إلا مقيدا بالإضافة، مثل قولك: رب الدار، ورب الناقة، ونحو ذلك، والمراد: المعبود بحق. وهو المراد منه تعالى عند الإطلاق، ولا يجمع إذا كان بهذا المعنى، ويجمع إذا كان معبودا بالباطل. قال تعالى حكاية عن قول

<<  <  ج: ص:  >  >>