للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة... قليل بها الأصوات إلاّ بغامها

وقول لبيد بن ربيعة العامري الصحابي-رضي الله عنه-: [البسيط]

لو كان غيري-سليمى-الدهر غيّره... وقع الحوادث إلاّ الصّارم الذّكر

وهذان هما الشاهدان رقم [١١٣] و [١١٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» ف‍: «إلاّ» فيهما اسم بمعنى: «غير» صفة لما قبلها، ظهر إعرابها على ما بعدها بطريق العارية؛ لكونها على صورة الحرف وهو مضاف، وبغامها، والصارم مضاف إليه مجرور، وعلامة الجر كسرة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المنقولة إليه من: «إلا».

{وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨)}

الشرح: {وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ} أي: وجعل إبراهيم هذه الكلمة كلمة التوحيد باقية في ذريته، فلا يزال فيهم من يوحد الله. هذا؛ والمراد: بكلمة هي: (لا إله إلاّ الله). وقيل: هي {إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ} والأول أولى، كما نطق به قوله تعالى: {وَوَصّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} رقم [١٣٢] من سورة (البقرة). هذا؛ والعقب: الذرية من الأولاد، والأحفاد ذكورا، وإناثا، والعقب مؤخر الرجل، والجمع فيهما: أعقاب، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم في وعيد الذين لا يغسلون أعقابهم في الوضوء: «ويل للأعقاب من النّار». هذا؛ والعقب في اللغة: عبارة عن شيء بعد شيء، كان من جنسه، أو من غير جنسه، يقال: أعقب الله بخير؛ أي: جاء بعد الشدة بالرخاء، وأعقب الشيب السواد. وقيل: الضمير يعود إلى الله تعالى، والضمير المجرور محلا بالإضافة يعود إلى إبراهيم بلا شك. وانظر مثل هذا الترجي في الآية رقم [٣] وانظر شرح {كَلِمَةً} في الآية رقم [١٤] من سورة (الشورى).

الإعراب: {وَجَعَلَها:} الواو: واو الحال. (جعلها): فعل ماض، والفاعل يعود إلى إبراهيم، والهاء مفعول به أول. {كَلِمَةً:} مفعول به ثان. {باقِيَةً:} صفة: {كَلِمَةً}. {فِي عَقِبِهِ:} متعلقان ب‍: {باقِيَةً،} والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية: {وَجَعَلَها..}.

إلخ في محل نصب حال من: {إِبْراهِيمُ} على اعتبار الفاعل عائدا عليه، أو من فاعل:

{سَيَهْدِينِ} على اعتبار الفاعل عائدا إلى الله، والرابط على الاعتبارين: الواو، والضمير. و «قد» قبلها مقدرة لتقرب الماضي من الحال. وقيل: الجملة معطوفة على ما قبلها. {لَعَلَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه، والجملة الفعلية في محل رفع خبره، والجملة الاسمية تعليل للأمر المقدر؛ لذا فهي من مقول الله تعالى، وليست من مقول إبراهيم. وقيل: هي تعليل ل‍: «الجعل» فتكون من مقول إبراهيم على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>