للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترى: أن الفعلين تنازعاه، والثاني أولى عند البصريين لقربه، والأول أولى عند الكوفيين لسبقه، وعلى المذهبين يقدر لأحدهما مثل المذكور، ولا تنس: أن المصدر المؤول من: {أَنِّي بَرِيءٌ..}. إلخ في الأصل مجرور بحرف جر، فلما حذف الجار انتصب كما رأيت. {فَكِيدُونِي}:

الفاء: هي الفصيحة، وانظر الآية رقم [١٧]، (كيدوني): أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم مفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا مني؛ فكيدوني، وهو أولى من العطف على جملة: (اشهدوا). {جَمِيعاً}: حال مؤكدة لواو الجماعة. {ثُمَّ}: حرف عطف. {لا}: ناهية.

{تُنْظِرُونِ}: مضارع مجزوم ب‍ {لا} الناهية، وعلامة جزمه حذف النون... إلخ، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، و (إذا) المقدرة ومدخولها في محل نصب مقول القول. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.

{إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦)}

الشرح: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ..}. إلخ: هذا تقرير لما ذكره في الآية السابقة، والمعنى:

إنكم، وإن بذلتم غاية وسعكم لم تضروني؛ لأني متوكل على الله، واثق بحفظه ورعايته، وهو مالكي ومالككم لا يحيق بي ما لم يرده، ولا تقدرون على ما لم يقدّره. {ما مِنْ دَابَّةٍ إِلاّ هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها} أي: إلا وهو مالك لها، وقادر عليها، يصرفها على حسب ما يريد ويشاء، والأخذ بالنواصي تمثيل لذلك، والناصية: مقدم الرأس، وإنما خص الناصية بالذكر؛ لأن العرب تستعمل ذلك كثيرا في كلامهم، فإذا وصفوا إنسانا بالذلة مع غيره؛ يقولون: ناصية فلان بيد فلان، وكانوا إذا أسروا أسيرا، وأرادوا إطلاقه؛ جزوا ناصيته ليمنوا عليه، ويعتدّوا بذلك فخرا عليه، فخاطبهم الله بما يعرفون من كلامهم. {إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: إنه على الحق والعدل لا يضيع عنده معتصم به، ولا يعجزه ظالم، ولا يعمل إلا بالإحسان والإنصاف، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته.

الإعراب: {إِنِّي}: حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {تَوَكَّلْتُ}: فعل وفاعل. {عَلَى اللهِ}: متعلقان بما قبلهما. {رَبِّي}: بدل من لفظ الجلالة، أو عطف بيان عليه مجرور مثله، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم... إلخ، والياء في محل جر بالإضافة.

(ربكم): معطوف عليه، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، وجملة: {تَوَكَّلْتُ..}. إلخ في محل رفع خبر (إن)، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ تعليل لما قبلها لا محل لها. {ما}: نافية. {مِنْ}: حرف جر صلة. {دَابَّةٍ}: مبتدأ مرفوع،

<<  <  ج: ص:  >  >>