عرفت وصفا من أوصافه، فإذا أردت هذا المعنى لم يتجاوز مفعولا؛ لأن العلم، والمعرفة تناول الشيء نفسه، ولم يقصد إلى غير ذلك، وإذا قلت: علمت زيدا قائما، لم يكن المقصود: أن العلم تناول نفس زيد فحسب، وإنما المعنى: أن العلم تناول كون زيد موصوفا بهذه الصفة.
هذا؛ والوعد يستعمل في الخير والشر، وانظر الآية رقم [٦١] من سورة (القصص) ففيها الكفاية.
الإعراب: {وَعْدَ:} مفعول مطلق عامله محذوف دل عليه قوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} لأن هذا الكلام كان بمنزلة الوعد للمؤمنين، و {وَعْدَ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله. {لا:} نافية. {يُخْلِفُ:} فعل مضارع. {اللهِ:} فاعله. {وَعْدَهُ:}
مفعول به، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط إعادة اللفظ الكريم بعينه وهي مؤكدة لمعنى المصدر، وإن اعتبرتها مستأنفة؛ فلست مفندا. {وَلكِنَّ:} الواو: حرف عطف. (لكن):
حرف مشبه بالفعل. {أَكْثَرَ:} اسمها، و {أَكْثَرَ} مضاف، و {النّاسِ} مضاف إليه. {لا:}
نافية. {يَعْلَمُونَ:} فعل مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية في محل رفع خبر: (لكنّ)، والجملة الاسمية: {وَلكِنَّ أَكْثَرَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. وقيل: في محل نصب حال، ولا وجه له.
{يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧)}
الشرح: {يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا} أي: ما يشاهدونه منها، والتمتع بزخارفها، ويعلمون أمر معاشهم؛ كيف يكسبون، ويتجرون، ومتى يغرسون، ويزرعون، ويحصدون. قال الحسن: إن أحدهم لينقر الدرهم بطرف ظفره، فيذكر وزنه لا يخطئ؛ وهو لا يحسن أن يصلي.
وقيل: إن المعنى لا يعلمون الدنيا بحقيقتها إنما يعلمون ظاهرها، وهو ملاذّها، وملاعبها، ولا يعلمون باطنها، وهو مضارّها، ومتاعبها.
{وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ} أي: عن العلم بها، والعمل لها، وأنّها غاية الدنيا، والمقصود منها. {هُمْ غافِلُونَ:} لا تخطر ببالهم. وهو نداء، وإشعار على تمكن غفلتهم عن الآخرة. وهو تقرير لجهالتهم، وتشبيه لهم بالحيوانات، وخذ ما يلي وهو قول بعضهم: [الكامل] ومن البليّة أن ترى لك صاحبا... في صورة الرّجل السّميع المبصر
فطن بكلّ مصيبة في ماله... وإذا يصاب بدينه لم يشعر
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله يبغض كلّ جعظريّ جوّاظ، صخّاب في الأسواق، جيفة بالليل، حمار بالنّهار، عالم بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة».