للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤)}

الشرح: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ:} قال النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:

«يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله». وقال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-:

يقرن الفاجر مع الفاجر، ويقرن الصالح مع الصالح. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة: السابقون زوج، وأصحاب اليمين زوج، وأصحاب الشمال زوج، وهذا فحوى قوله تعالى في سورة (الواقعة): {وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً}. وقيل: يلحق كل امرئ بشيعته، اليهودي باليهود، والنصراني بالنصارى. وقيل: زوجت النفوس بأعمالها؛ أي: قرنت.

وقيل: زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين، وقرنت نفوس الكافرين والمنافقين والفاسقين بالشياطين. قال تعالى في سورة (الصافات): {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ}. هذا؛ وانظر شرح (النفس) في الآية رقم [٢]: من سورة (القيامة).

{وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ:} الموءودة: المقتولة، وهي الأنثى التي دفنت؛ وهي حية. سميت بذلك لما يطرح عليها من التراب، فيؤودها؛ أي: يثقلها حتى تموت، وكانت العرب تفعل ذلك في الجاهلية تدفن البنات حية مخافة العار، والحاجة. وروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال: كانت المرأة في الجاهلية إذا حملت، وكان أوان ولادتها قد قرب؛ حفرت حفيرة، فتمخضت على رأس الحفيرة، فإن ولدت جارية؛ رمت بها في الحفيرة، وردت التراب عليها، وإذا ولدت غلاما؛ حبسته. وقيل: كان الرجل في الجاهلية إذا ولدت له بنت، وأراد بقاءها حية ألبسها جبة صوف، أو شعر، وتركها ترعى الإبل، والغنم في البادية، وإذا أراد تركها حتى تشب، فإذا بلغت قال: لأمها طيبيها، وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر لها بئرا في الصحراء، فيبلغ بها البئر، فيقول لها: انظري فيها، فإذا نظرت فيها دفعها من ورائها، ويهيل عليها التراب؛ حتى تسوى بالأرض، انظر ما ذكرته في سورة (النحل) رقم [٥٨] وما بعدها تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. وانظر ما ذكرته في سورة (الأنعام) رقم [١٤٠]. هذا؛ وكان ذوو الشرف من العرب يمتنعون من وأد البنات، ويمنعون منه حتى افتخر به الفرزدق، فقال: [المتقارب]

وجدّي الّذي منع الوائدات... فأحيا الوئيد فلم توأد

يريد جده صعصعة، كان يشتريهن من آبائهن، فجاء الإسلام، وقد أحيا صعصعة سبعين موءودة. وقال قتادة: كانت الجاهلية يقتل أحدهم ابنته، ويغذو كلبه، فعاتبهم الله على ذلك، وتوعدهم بقوله: {وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>